للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسَمع أبا بحرٍ الأَسَديَّ، وأبوَيْ بكر: عَيّاشَ بن عبد الملِك وابنَ أبي رُكَب، وأبا جعفرٍ ابنَ شانْجُه وأبا الحَسَن عبدَ الجليل، وآباء عبد الله: ابن خَلَف ابن الإِلبِيريِّ وابنَ المُناصِف وابنَ أُختِ غانم، ولم يَذكُرْ أنّهم أجازوا له. ورَوى أيضًا عن أبوَيْ عبد الله: جعفرٍ حفيدِ مكِّي وابن مَعْمَر، وأبي الوليد بن طَريف.

رَوى عنه أبو البقاءِ يَعيشُ ابنُ القديم، وأبو الحَسَن بن مُؤْمن، وأبو زكريّا المَرْجيقيُّ وأبو يحيى أبو بكرٍ (١) الضَّرير، واختَصَّ به.

وكان عالمًا بالقراءات، ذاكرًا للتفسير، حافظًا للفقهِ واللُّغةِ والآداب، شاعرًا مُحسِنًا، كاتبًا بليغًا، مُبرِّزًا في النَّحو، جميلَ العِشرةِ حسَنَ الخُلُق متواضِعًا، فكِهَ المحاضرة طَريفَ الدُّعابة، وصنَّف في غير فَنّ من العلم، وكلامُه نظمًا ونثرًا كثير مُدوَّن.

ومن مصنَّفاتِه: "مَشاحذُ الأفكار في مآخِذ النُّظّار"، وشَرْحاه: الكبيرُ والصَّغير على "جُمَل" الزَّجّاجي، و"شَرْحُ أبياتِ الإيضاح العَضُديّ"، و"مقاماتِ الحَرِيريّ"، و"شَرْحُ مُعشَّراتِه الغَزَليّة ومُكفِّرتِها الزُّهْديّة"، إلى غيرِ ذلك، وكلُّه مما أبانَ به عن وُفورِ علمِه، وغَزارة مادّتِه، واتّساع معارِفِه، وحُسن تصرُّفِه.

واستُقضيَ بمنتورَ: من عمل قُرطُبة، فحُمِدت سِيرتُه، ثم صُرِف عن ذلك، وآثَرَ التحوُّلَ إلى مَرّاكُش، وانتَصبَ لتدريسِ ما كان يَنتحلُه من فنونِ العلم، فقَلَّ مَن لم يأخُذْ عنه من طلبة العلم بها، وكان بنو عبد المُؤْمن وأتباعُه يتنافَسُونَ في القراءةِ عليه، ويتباهَوْنَ في إجزالِ أياديه، وكان يَحضُرُ مجلسَ عبد المُؤمن معَ أكابرِ من يَحضُرُه من العلماء فيَشِفُّ على أكثرِهم بما كان عليه من التحقُّق بالمعارف، إلى أن أنشَدَ عبدَ المُؤْمن أبياتًا كان قد نَظَمَها في أبي القاسم عبد المُنعم ابن محمد ابن تيسيتَ المذكورِ في مَوْضعِه من هذا الكتاب، وهي [من المتقارب]:


(١) هكذا في النسختين.

<<  <  ج: ص:  >  >>