للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبا قاسمٍ والهوى جِنَّةٌ ... وها أنا من مَسِّها لم أُفِقْ

تقَّحمتَ جاحمَ نارِ الضُّلوعِ ... كما خُضتَ بحرَ دموعِ الحَدَقْ

أكنتَ الخليلَ أكنتَ الكليمَ ... أمِنتَ الحريقَ أمنتَ الغَرَقْ

فهجَرَه عبدُ المُؤمن، ومنَعَه من الحضورِ بمجلِسه، وصَرَفَ بَنيهِ عنِ القراءةِ عليه، وسَرَى ذلك في أكثرِ من كان يقرأُ عليه ويتردَّدُ إليه، على أنه كان في المرتبةِ العُليا من الطّهارةِ والعفافِ والذّكاء.

وفي أبي القاسم هذا، وكان أزرقَ، يقولُ وقد دَخَلَ عليه ومعَه أبو عبد الله بنُ أحمدَ بن محمد الشاطِبيُّ وأبو عثمانَ سعيدُ بن قوشترةَ المذكورانِ في موضِعَيْهِما من هذا "المجموع"، فقال ابنُ قوشترةَ [الكامل]:

عابوهُ بالزَّرَقِ الذي بجفونهِ ... والماءُ أَزرقُ والسِّنانُ كذلكا

فقال أبو عبدُ الله الشاطِبيُّ:

الماءُ يُهدي للنفوسِ حياتَها ... والرُّمحُ يَشرَعُ للمنونِ مَسالِكا

فقال أبو بكر بنُ مَيْمون:

وكذالثاني أجفانِه سبَبُ الرَّدى ... ولقد أرى طِيبَ الحياةِ هنالكا

وله في أبي القاسم هذا مُقَطَّعات غَزَليّةٌ كثيرة حُفِظت عنه وتناقَلَها الناسُ.

ومما استفاضَ من شعرِه: قولُه في صِباه [الكامل]:

لا تكترِثْ بفِراقِ أوطانِ الصِّبا ... فعسَى تنالُ بغرهنَّ سعودا

فالدُّرُّ يُنظَمُ عند فَقْدِ بحارِهِ ... بجميلِ أجيادِ الحِسانِ عقودا

وقال: أنشَدتُهما شَيْخيَ الأديبَ الكاتب أبا جعفر بنَ شانْجُهْ، فقال: والله يا بُنيّ لقد غُصْتَ في بحرِ الأدب فاختَرْتَ منه دُرّةً نفيسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>