للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: معنى هذا البيتِ الأخير قد تداوَلَه الناسُ كثيرًا قديمًا وحديثًا، فلأبي الثناءِ حَمّادِ بن هبة الله الحَرّانيِّ [البسيط]:

قالوا: ترحَّلتَ عن دارٍ نشَأْتَ بها ... وليس للمرءِ إلّا دارُهُ شرَفُ

قلتُ: انظُروا الدُّرَّ في التِّيجانِ موضعُهُ ... لمّا تفتَّح من مكنونِهِ الصَّدَفُ

أنشَدتُهما على شيخِنا الراوِية الحافظ أبي عليٍّ الحَسَن بن عليّ الماقَريِّ عن أبي [....] (١) فيما أُذِنَ له فيه عن قائلِهما، وأنشَدتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ لنفسِه [البسيط]:

فارِقْ ولا تَغْنَ بالأوطانِ تَعمُرُها ... ففي سواها تنالُ العزَّ والشَّرَفا

فالدُّرُّ لم يَعْلُ أجيادَ الحِسانِ ولا ... زانَ التّرائبَ حتى فارَقَ الصَّدَفا

وفيما أوردتُه من هذا كفاية، إذِ الإطالةُ في مثلِه تُخْرِج عن مقصودِ الكتاب، وله موضعٌ آخرُ، وإنّما اورِدُ من هذا وأشباهِه ما أورِد، لِما جُبِلَتْ عليه النفوسُ الزَّكيّة من المَيْل إلى هذه الطريقة الأدبيّة، إلى ما فيه من إجمامِها خوفَ الإملال، وإصلاحِها في تصريفها بالنَّقْل من حالٍ إلى حال.

ومن مشهورِ شعرِ الأستاذِ أبي بكر بن مَيْمونٍ: قولُه، نفَعَه اللهُ [الطويل]:

توسَّلتُ يا ربِّي بأنّيَ مؤمنٌ ... وما قلتُ: إنّي سامعٌ ومطيعُ

أيصْلَى بَحرِّ النارِ عاصٍ موحِّدٌ ... وأنت كريمٌ والرسُولُ شفيعُ؟!

وذيَّلَها بعضُ الأُدباء، فقال [الطويل]:

ومن يتَشفَّعْ بالنبيِّ محمدٍ ... عليه صلاةُ الله، كيف يَضيعُ؟!

شفاعتُه مقبولةٌ ومحلُّهُ ... لدى ربِّهِ في الأنبياءِ رفيعُ


(١) بياض في النسختين تركه المؤلف فلم يعد إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>