للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٦١ ب] ولا تغُرَّنَّكَ الدّنيا وزُخْرُفُها ... عن المَعادِ هناك الشأنُ والخبَرُ

وهذه الدارُ دارٌ لا خَلاقَ لها ... وجودُها عَدَمٌ وصَفْوُها كَدرُ

والناسُ منها على خوفٍ وفي غَرَرٍ ... محُبَّبُ الناسِ ذاك الخَوْفُ والغَرَرُ

وهمْ على غفلةٍ ممّا لهُ خُلِقوا ... مثلُ البهائم إلا أنهمْ بشَرُ

عَمُوا وصَمّوا عن الأمرِ المرادِ بهمْ ... حتّى كأنْ مال همْ سَمْعٌ ولا بصَرُ

وما أُبرِّيُّ نَفْسي إذِ ألومُهمُ ... فكلُّنا وازرٌ، وساءَ ما نَزِرُ

إنّي لَأعظمُهمْ جُرْمًا وأثقَلُهمْ ... حِمْلًا، وما ليَ من عُذرٍ فأعتذرُ

لكنْ رجَوْتُ وأرجو عفوَ ذي كرمٍ ... ورحمةٍ في يدَيْه النفْعُ والضَّرَرُ

والعُمْرُفي كلِّ يومٍ قَطْعُ مرحلةٍ ... في إثرِ مرحلةٍ كأنهُ سفَرُ

تَحْدو بنا وتَسُوقُ غيرَ وانيةٍ ... إلى مَصارعِنا الآصالُ والبُكَرُ

وكلُّ ذَنْبٍ فإنَّ الله يغفِرُهُ ... إن شاء، والشِّركُ ذنبٌ ليس يُغتفَرُ

جُزتُ الثمانينَ زادت تسعةً كُمُلًا ... يَا ليتَ شِعريَ ماذا بعدُ أنتظرُ!

فوحِّدِ اللهَ لا تُشرِكْ به أحدًا ... أللهُ لا ملجَأ منهُ ولا وَزَرُ

وفرَّ منهُ إليه ربّما وعسى ... واعمَلْ بطاعتِهِ ما ساعَدَ العُمُرُ

ليس النَّجاةُ بأعمالٍ وإن حَسُنتْ ... بل رحمةُ الله مَنْجاةٌ ومُدَّخَرُ

يا وَيْلَتا من ذنوبٍ جَرَّها قَدَرٌ ... فلم أُطِقْ ردَّ شيءٍ جَرَّهُ القَدَرُ

يَا وَيْلَتا من ذنوبٍ إن تكنْ كثُرتْ ... فإنّها عندَ رَبِّ العرشِ تُحتقرُ

سبحانَ مَنْ هُو لا تُحصَى محامِدُهُ ... ولا تُحيطُ به الأوهامُ والفِكَرُ

سبحانَ من سبَّحتْ له السماءُ وما ... فيها وما تحتَها والشمسُ والقمرُ

وهذا من الشِّعرِ الرائق الذي لا يتَعاطَى مثلَه إلا المُجِيدونَ من الشُّعراء، المتقدِّمونَ في حَلَبةِ البُلَغاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>