للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويونُسَ بن يحيى الهاشِميِّ، وأبي عبدِ الله محمد بن عبد الواحِد بن أحمدَ المَقْدِسيِّ، وأبي حَفْص عُمرَ بن أبي المَجْد الحَماميِّ، وأبي إسحاقَ إبراهيمَ بن أبي طاهرٍ بَرَكات بن إبراهيمَ الخُشوعيِّ، وراجِيَة بنتِ عبد الله الأرمنية.

رَوى عنه أبوا بكر: ابنُ خَمِيس ابنُ أُختِه وابنُ أبي العُيون، وأبو عبد الله بن أبي بكرٍ البُريُّ. وحدَّث عنه بالإجازةِ: أبو عبد الله ابنُ الأبّار، وأبو القاسم بنُ عِمران، وكتَبَ بالإجازة للعراقيِّينَ أهل بغدادَ الذين استَدعَوْها من أهل الأندَلُس حسبَما تقَدَّم ذكْرُه في رَسْم أبي بكر بن هشام، وضمَّنها نَظْما ونثرًا اعتُرِفَ له بالإجادةِ فيهما، ولولا خوفُ الإطالة لاجتَلبْتُها.

وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، نَحْويًّا ماهرًا، متوقِّدَ الذِّهن متفنِّنًا في جُملةِ معارِفَ، ذا حظٍّ صالح من روايةِ الحديث، تاريخيًّا حافظًا، فقيهًا مُشاوَرًا دَرِبًا بالفتوى، متينَ الدِّين تامَّ المروءةِ سُنِّيًا فاضلًا، معظِّمًا عند الخاصّةِ والعامّة، حَسَنَ الخُلُق جميلَ العِشرة رَحْبَ الصَّدر، مُسارِعًا إلى قضاءِ حوائج الناس، شديدَ الاحتمالِ مُحسِنًا إلى مَن أساءَ إليه، نَفّاعًا بجاهِه سَمْحًا بذاتِ يدِه، متقدِّمًا في عَقْدِ الوثائق، بصيرًا بمعانيها، سريعَ القلم والبَديهة في إنشاءِ نَظْم الكلام ونثرِه، معَ البلاغة والإحسانِ في الفنَّيْن. وقد تقَدَّم له ذكْرٌ في رَسْم أبي جعفر بن عبد الله بن مُجبر فراجِعْه.

وَلِيَ قضاءَ مالَقةَ نائبًا عن أبي عبد الله بن الحَسَن مُدّةً، ثم وَلِيَه مُستبِدًّا بتقديم الأميرِ أبي عبد الله بن نَصْرٍ يومَ السّبت لليلتَيْنِ بقِيَتا من رمضانِ خمس وثلاثينَ وست مئة، فأشْفَقَ من ذلك وامتَنَعَ منهُ، وخاطَبَه مُستعِفيًا، وذَكَرَ أنه لا يَصلُحُ للقيام بما قَلَّده من تلك الخُطّة تورُّعًا منه، فلم يُسعِفْهُ، فتقَلَّدها وسارَ فيها أحسَن سِيرة، وأظهَرَ الحقوقَ التي كان الباطلُ قد غَمَرَها، ونَفَّذَ الأحكامَ، وكان ماضيَ العزيمة مِقْدامًا مَهِيبًا جَزْلًا في قضائه، لا تأخُذُه في الله لَوْمةُ لائم، واستمرَّ على ذلك بقيّةَ عُمرِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>