للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين الإنسان والحَيَوان"، "المُفاضَلة"، "الإنسانُ الكامل"، "مِشْكاةُ الأنوار فيما يُروى عن الله تعالى من الأخبار"، فمنه أربعونَ حديثًا مسنَدةً وأتلاها أربعينَ غيرَ مسنَدة وعَقَّبَها بعشرينَ حديثًا كذلك وختَمَها بواحد؛ "المُبَشِّرات"، هذه بعضُ مصنَّفاته، وأكثرُها مقالاتٌ صغيرةُ الحجم. ومن نَظْمِه [الكامل]:

انظُرْ إلى هذا الوجودِ المُحكَمِ ... ووجودُنا مثلُ الرِّداءِ المُعلَمِ

وانظُرْ إلى خُلفائهِ في مُلْكِهمْ ... من مُفصِحٍ طَلْقِ اللِّسانِ وأعجمِ

ما منهمُ أحدٌ يحبُّ إلهَهُ ... إلّا وَيمزُجُهُ بحبِّ الدرهمِ

وهو من قصيدة؛ وقولُه [مجزوء الرجز]:

يا من يراني عاصيًا ... ولا أَراهُ آخِذا

كم ذا أراك مُنعِمًا ... ولا تَراني لائذا

وذَكَرَ في "المُبشِّراتِ" قال: كان جُملةٌ من أصحابنا قبلَ أن أعرِفَ العِلْمَ قد رَغِبوا وقَصَدوني محرِّضينَ على قراءةِ كُتُبِ الرأي، وأَنا لا عِلمَ لي بذلك ولا بالحديث، فرأيتُ نَفْسي في المنامِ وكأنّي في فضاءٍ واسع، وجماعةٌ بأيديهمُ السّلاحُ يُريدونَ قَتْلي، ولا مَلْجأَ معي آوِي إليه، فرأيتُ أمامي رَبْوةً، ورسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عليها، فلجأتُ إليه، فألقَى ذراعَه إليّ وضَمَّني إليه ضمًّا عظيمًا، وقال لي: يا حبيبي، استمسِكْ بي تَسلَمْ، فنظَرْتُ إلى هؤلاء الأعداءِ، فلم أرَ على وَجْهِ الأرض منهم أحدًا، فمِن ذلك الوقت اشتَغَلْتُ بتقييدِ الحديث.

وذَكَرَ فيها: رأيتُ وأنا بحَرَم مكّةَ في المنام كأنَّ القيامةَ قد قامت، وكأنّي واقفٌ بينَ يدَيْ ربِّي مُطْرِقًا خائفًا من عتابه إيّايَ من أجْلِ تفريطي، فكان يقولُ لي جَلَّ جلالُه: يا عبدي، لا تخَفْ، فإنّي لاَ أطلُبُ منك عملًا إلّا أن تَنصحَ عبادي، فانصَحْ عبادي، وكنتُ أُرشِدُ الناسَ إلى الطريقِ القَويم، فلمّا رأيتُ الداخلَ إلى طريقِ الله عزيزًا تكاسَلْتُ، وعزَمْتُ تلك الليلةَ أن أشتغلَ بنَفْسي وأترُكَ الخَلْقَ وما هم عليه، فرأيتُ هذه الرُّؤيا، فأصبحتُ وقعَدتُ للناسِ أُبيِّنُ لهمُ الطريقَ الواضح والآفاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>