للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولمّا عاد إلى مصرَ من رحلتِه العراقيّة صار لهُ بها عندَ الكامل جاهٌ عظيم وحُظوةٌ عَلِيّة ومكانةٌ كبيرةٌ بَعُدَ العهدِ بمثلِها، ونال بها دُنيا عريضةً، حتى لَيُذكَرُ أنه همَّ بنَصبِه خليفة، وبعَثَهُ رسولًا إلى الخليفةِ الناصِر لدين الله ببغداد، فتلقّاه الناصرُ أحسَنَ تلقٍّ، وقفَى مآربَه التي توجَّه رسولًا إليه بسببِها، وأجَلَّ قدرَه وأجزَلَ صِلتَه، وأنفَذَه رسولًا إلى بعضِ ملوكِ العَجَم وراءَ النّهر، فنَهضَ بذلك وأحسَنَ السِّفارةَ فيه، وعُنيَ هناك بلقاءِ بقايا شيوخ العِلم بتلك البلاد، وناظَرَهم وظهرَ شُفوفُه عندَهم وتبريزُه، وبَعُدَ صِيتُه وبعُدَ أمرُه واستفاضَ [ذكْرُه، وجَمَعَ من] فوائدِ تلك البلاد ومصنَّفاتِ عُلمائها ما لا عَهْدَ لأهلِ بغدادَ [به، ثم استقَرَّ] بالقاهرة.

ومن مصنَّفاتِه سوى ما ذُكِر: "الآياتُ البيِّنات [في ذكْرِ ما في أعضاءِ رسول] الله - صلى الله عليه وسلم - من المعجِزات": مجلّد، و"المستوفَى في أسماءِ [المصطفى"]: مجلَّد، و"البِشَاراتُ والإنذارات المتلَقّاةُ من أصدقِ البراءات": [في ثلاثِ مجلّدات] و"أعلامُ النّصرِ المُبِين في المُفاضَلةِ بين أهلَيْ صِفِّين"، و"العَلَمُ المشهور [في فضائل] الأيام والشهور" (١).

وأنشَدَني شيخُنا أبو محمدٍ حَسَنٌ ابنُ القَطّان رحمه اللهُ عن أبي الخَطّاب ابن الجُمَمل لنفسِه فيما أذِنَ له في روايتِه عنه، وأنشَدَه إياه أبو إسحاقَ ابنُ الواعِظ، قال: أنشَدَني أبو الخَطّاب لنفسِه (٢) في نَسْخ الأحاديثِ المشهورةِ بالضَّعف [من الطويل]:

أحاديثُ نسطورٍ ويُسرٍ ويَغنُمٍ ... وقولُ أشجِّ الغَرْب بعدَ خِراشِ


(١) انظر في مؤلفات ابن دحية مقدمة النبراس لمحققه المرحوم العزاوي ومقدمة المطرب للأستاذ الأبياري.
(٢) روى ابن رشيد بسنده أن البيتين للحافظ السلفي. انظر أزهار الرياض ٢/ ٦٦ وكذلك في لسان الميزان ٢/ ٤٤٧ ونفح الطيب ٣/ ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>