للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَدِمَ الأندَلُسَ وحدَّث بها، فرَوى عنه بها من أهلِها أبو جعفرٍ ابنُ غالب، وأبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ شيخُنا، وأبو يعقوبَ بن إبراهيمَ بن عُقاب (١)، ومن سُكّان مالَقةَ: أبو عبد الله بن عِيَاض، وبَسبْتَةَ أبو العبّاس بن محمدٍ المَوْرُوريُّ.

ووَرَدَ مَرّاكُشَ في حدود [خمسٍ وثلاثينَ وست مئة] فأسمَعَ الحديثَ وكتَبَ الرَّقائقَ والتصَوُّف، رَوى عنهُ [جماعةٌ من أهلِها ومنَ] المستوطِنينَ بها من غيرِهم، منهم: آباءُ عبد الله: أبي رحمه الله، وابنُ يوسُفَ القَلْعيُّ الناسكُ نفَعَ اللهُ به، وقال لي في مجلِس أبي [....] (٢) أباك، وأبو عليّ الحَسَن بن الحَسَن ابن مكسورِ الجَنْب،

وأبو المَجْدِ ابن [عَطِيّة]. وحدَّث عنه بالإجازة: أبو عبد الله ابنُ الأبّار.

وكان فقيهًا شافعيَّ [المذهب، متصَوِّفًا] شديدَ العُجمة، يَرجِعُ إلى جَوْدةٍ وصحّةِ باطن، وتصحَبُه غَفْلة، وكان [مجلسُ] إسماعِه مَجمَعًا للفقهاءِ وأهل الفضل والصّلاح والخير، وكان قدومُه على مَرّاكُشَ في أيام الرّشيدِ من بني عبد المؤمن، فصُرِفَ إليه وجهُ الاعتناءِ به والتنويهُ، ووالَى برَّه وتكريمَه، وحَظِيَ عندَه حُظوةً تامّةً وأجرَى لهُ ثلاثَ مئة درهم وسبعةَ قناطيرَ ونصفَ قِنطار من الحُوَّارَى (٣) في كلِّ شهر مَرْتبة، سوى ما يتعاهَدُه به من إحسانٍ وكُسًا وهدايا وتُحَف، فتمادَى على ذلك حالُه معَه مُدّةً إلى أن رَفَعَ إليه مقالةً في إثباتِ صنعة الكيمياء، وأنه واصِلٌ قد أدرَكَها علمًا وعملًا، وادَّعى إفادتَه إياها، فقَطَعَ الرّشيدُ عنه ما كان يُجريهِ عليه ثلاثةَ أشهرٍ حتى استَوْحَشَ من ذلك أبو البَركات وأثّر في حالِه، وكان موضعُ سُكناهُ قريبًا من مَسكَن أبي إسحاقَ ابن الحجرِ المذكورِ


(١) جاء في إجازته المثبتة في رحلة ابن رشيد ٢/ ٢١٣: "ولقيت بمراكش الشيخ العالم العلم أبا البركات عمر بن مودود بن عمر الفارسي وقرأت عليه البخاري، والسير، ورسالة القشيري، وأول كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم الحافظ، وسمعت عليه الموطأ ولازمته إلى أن توفي رحمه الله".
(٢) محو تام في الأصل، ويشبه القول أن يكون دعاء للمؤلف.
(٣) الحوارى، بضم الحاء وشد الواو وفتح الراء: الدقيق الأبيض، وهو لباب الدقيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>