للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجمَّعتْ فيه أشياءٌ محاسنُها ... تَفُوقُ عدًّا إذا ما عُدّ ديوانُ

إذا بدا صاعدًا أدراجَ مِنبِرِهِ ... غارَتْ عليه من الأبصارِ آذانُ (١)

وإن تكلَّمَ غار العينُ من حسَدٍ ... فاعجَبْ فبينَهما في ذاك شَنْآنُ

طَوْرًا يعلِّمُنا، طَوْرًا يُخوِّفُنا، ... طَوْرًا يُرجِّي، فهذا الوعظُ ألوانُ

يا واعظًا بَهَرتْ حُسنًا مَواعظُهُ ... عليك لا زال للرّحمنِ إحسانُ

ذكَّرتَ غافلَنا، علَّمتَ جاهلَنا ... حلَّيتَ عاطلَنا [فالكلُّ فرحانُ]

تَصوبُ من وعظِك الأجفانُ واكفةً ... كما يَصُوبُ لصوتِ [الرعدِ هَتّانُ؟]

أُيِّدتَ بالصِّدق في قولٍ وفي عملٍ ... فللدموع إذا أسمعتَ طُوفانُ

كما تأيَّد في نَظْم العَرُوضِ وقد ... دَعَا الرسولَ برُوح القُدْس [حسّانُ]

كم من شرُودٍ أخي غَيٍّ إلى رَشَدٍ ... قادَتْهُ يا ابنَ رَشيدٍ منك أرسانُ

رأى ولولاك لم تُبصِرْ بصيرتُهُ ... وكيف يُبصرُ وجهَ الرُّشد عَمْيانُ

فأنت أنت جمالُ الدِّين لا كذِبٌ ... لا جَحْدَ في ذاك، إنّ الجَحْدَ كُفرانُ

لله قومٌ بهذا لقَّبُوكَ وقد ... تحَرَّوا الصِّدقَ، حُيُّوا حيثما كانوا

عُذرًا فديتُكَ لم أُحْصِ الذي لكَ، هل ... يُحصي الحَصىَ ونجومَ اللّيل حُسْبانُ؟

أنَّى ولو قاسَها قُسٌّ لقَصَّر، أو ... أجرى لها طَرْفَهُ لم يُجرِ سَحْبانُ

فكيف والطّبعُ لم يُطبَعْ، فُدِيتَ على ... ما يَرتضيه حديدُ القلبِ يَقْظانُ

لكن جعلتكِ (٢) أبياتي مقدِّمةً ... تَرتادُ لي موردًا، إنّي لصَدْيانُ


(١) يذكرنا وصف الشاعر الأمير مجلس الواعظ ابن رشيد بوصف الرحالة ابن جبير مجلس الإمام الواعظ ابن الجوزي في بغداد.
(٢) في الأصل: "جعلت" ولا يستقيم البيت بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>