للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوى عن أبي الحَسَن ابن خَرُوف النَّحْويّ، وأبي عليّ ابن الشَّلَوْبِين، وأبي الصَّبر أيوبَ الفِهْرِيّ، وعَدَّ في شيوخِه أبا القاسم بنَ الطيِّب الحاج ابن معزوز، وأبا عبد الله بنَ محمد ابن جَوْهَر.

رَوى عنه أبو عبد الله بنُ عبد الله بن إبراهيمَ البَكْريُّ، وأبَوا عليٍّ الحَسَن بن الحَسَن ابن مكسورِ الجَنْب والحُسَينُ الخَمّاش، وأبو القاسم محمدُ بن عبد الرّحيم ابن الطيِّب المذكور، وأبو محمد عبدُ العزيز بن إبراهيمَ بن عبد العزيز بن أحمدَ الهَوّاريُّ، وجماعةٌ من أهلِ سَبْتةَ.

وكان أديبًا بارعًا، كاتبًا بليغًا ناظمًا وناثرًا، عاقدًا للشّروط، مُبرِّزًا في العدالة، نَحْويًّا ماهرًا، حسَنَ القيام على تفسيرِ القرآنِ العظيم، مُذكِّرًا، حَلّق بالتفسير في سَبْتةَ مُدّة فانتفَعَ به خَلْقٌ كثير، وكان على كلامِه قَبُول، وله في النفوسِ تأثير (١).

واستُقضيَ بسَبْتةَ يومَ الأحد لثلاثَ عشْرةَ ليلةً خَلَت من رجَبِ أربع وخمسينَ وست مئة، إثْرَ وفاةِ قاضيها قبلَهُ الشريف أبي الحَسَن بن أبي الشَّرَف رفيع (٢)، واستمرَّت ولايتُه خُطّةَ القضاءِ مشكورَ الأحوال محمودَ السِّير مستقيمَ الطريقة مشهورَ العَدْل إلى غايةِ عُمرِه.

وكان طويلًا نحيفَ الجسم، نظيفَ الملابس، وَقُورًا، جميلَ الهيئة، حسَنَ الخَلق، يَخضِبُ رأسَه ولحيتَه بالحِنّاء، ممّن ساد بنفسِه. وكتَبَ في شبيبتِه عن


(١) قال ابن الزبير: "وكان يعظ الناس بمسجد مقبرة زقلو من سبتة حضرت بعض مجالسه وكلامه في التفسير على المنبر بالمسجد المذكور، وكان فصيحًا لسنًا مفوهًا نبيل الأغراض في وعظه وتحليقه، حسن التناول لا يشارك وعاظ الوقت في شيء من محدثات مرتكباتهم إنما يذكر الآية ويفسرها تفسيرًا مستوفى وينيط بذلك ما يلائم الحال والمقال من حكايات الصالحين وإشاراتهم على أحسن نهج وأبدع نسج، يأخذ من مجالسه الطالب بحظه، والعامي بنافع الترغيب والترهيب من مقصود وعظه، وولي قضاء سبتة آخر عمره ولم يزل مدة قضائه على عادته في تحليقه ووعظه".
(٢) أزهار الرياض ١/ ٤٢، وكتاب الشرف لإبن الشاط، واختصار الأخبار: ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>