للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا حَلّ أجَلُ السَّلَم وقَبَضَ بعضَه وأقال في بعضٍ لم يجُزْ؛ لأنه بَيْع وسَلَف، فإنْ غَلَبا على التبعيض بانقضاءِ الإبّانِ فيما له إبّانٌ وما لا يُتَّهمانِ على قصدِه، ففي موجِب الحُكم اختلافهم فعن مالكٍ أنه يتأخَّرُ بالبقيّةِ إلى عام قابِل، وعلى ذلك إن تَراضَيا على المُفاصلة معجَّلًا بحسابِ ما فَضَلَ وردِّ ما بقِيَ من رأس المال لم يَجُزْ؛ لأنه يَؤُولُ إلى بَيْع وسَلَف، وقد رُويَ عنه أيضًا الجوازُ؛ لأنهما لم يَقصِداه، والثاني: قولُ أشهبَ: أن موجبَ الحُكم المحاسَبة ورَدُّ ما فَضَلَ؛ لأنّ فواتَ الأجل المعقود عليه مُخْرج له عن شرطِ العَقْدِ فيما بقِيَ، وعلى ذلك إنْ تَراضَيا على التأخير إلى عام قابِل لم يَجُزْ؛ لأنه يَؤُولُ إلى فَسْخ الدَّين في الدَّين، ومن أسلَمَ في طعام فأخَذَ عن المحلِّ طعامًا من جنسِه وبمَكِيلِه لكنْ أدنى أو أعلى من صفةِ ما أسلَمَ فيه: حُمِلَ على المُسامحة والرِّفق، وإن كان قبلَ المحلّ: لم يَجُزْ؛ لأنه في الدُّون وُضع على التعجيل وفي الأعلى عُوّض عن الضّمان، فإن كان مثلَه وعلى صفتِه من غيرِ زيادةٍ ولا [نُقْصان ... عليه، فإنْ أخَذَ عن الجِنس من الطّعامِ كالبُرِّ، أو أخَذَ أيَّ عَرَضٍ كان عن أيِّ طعام كان: لم يَجُزْ قبلَ ... الطعام قبلَ قَبْضِه، ويجوزُ ذلك في غيرِه من سائر ... إذا قَبَضَ الجنسَ الآخَرَ مكانَه، فإن تأخَّر القَبْضُ عن العَقْد ... الدَّين بالدَّين.

قال أبو عبد الله ابنُ المُناصف رحمه الله: [يُفهَمُ] من كلام القاضي من كتابِ البُيوع من "التّلقين" إحالةٌ على تبيينِ [بَيْع السَّلَم] فيما يوردُه، ثم لم يقَعْ إلينا في شيءٍ من نُسَخ "التلقين"، فلعلّه نَسِيَ أو ذَهِلَ أو غيرَ ذلك من لوازم البشر، وقد رَغِبَ عند المطالعةِ لهذا الكتاب بعضُ الإخوانِ [منّي] إلحاقَ فَصْل السَّلَم إليه بما يُناسبُ الموضوعَ وغَرَضَ المؤلِّف في هذا الكتابِ من التحديق، فلم نَرَ في إجابتِه بأسًا ورَغِبْنا أن يكونَ استلحاقُه عليه بنَحْوٍ مما صرَّح به من مذهبِه واختيارِه، وتضمُّنِه بعضَ ألفاظِه من كتابِ "المَعُونة" (١)، فكثيرًا ما يَجري


(١) هو كتاب "المعونة على مذهب علماء المدينة" للقاضي عبد الوهاب البغدادي.

<<  <  ج: ص:  >  >>