للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبسَبْتةَ حينَ أوْبِهِ إليها أيامَ المتأمِّر بها أبي العبّاس اليَنَشْتيِّ (١)، ووَليَ الخُطبةَ [والصّلاةَ] بجامع القَرَويِّينَ الأعظم بفاسَ (٢)، وكانت أولى صلاةٍ صلّاها [في يوم] الثلاثاءِ لأربعَ عشْرةَ ليلةً خَلَت من محرَّمِ ثلاث وخمسينَ [وست مئة، وأُخرى صلاةٍ] صلّاها عشاءَ ليلةِ وفاتِه وصَلّاها بـ (الضحى) و (ألم نشرَحْ)، وانصَرفَ إلى [دارِه] فتوفِّي فُجاءةً، رحمه اللهُ، الأحدَ الرابعةَ عشْرةَ من ربيعٍ الأول سنةَ [خمس وخمسينَ] وست مئة ابنَ اثنينِ وثمانينَ عامًا، وصَلّى عليه ابنُه الخطيبُ بجامع القَرَويِّين [الأعظم] , وخليفتُه في إمامةِ الفريضة بعدَ وفاتِه أبو القاسم عبد الرّحمن، ودُفن برَوْضةِ سَلَفِه بحَوْمةِ القَلّالينَ (٣) من عُدْوة الأندَلُس بفاسَ، وكان الحفلُ في جنازته عظيمًا لم يتخلَّفْ عنها كبيرُ أحد (٤)، وأسِفَ النَّاسُ لفَقْدِه وأطابوا (٥) الثناءَ عليه، وصَحِبَتْهُ من دارِه إلى مدفِنِه طيرٌ شبهُ الخطاطيف لا عهدَ بها غَطَّت الأُفُق كثرةً، فكانت تُرفرفُ على نَعْشِه حتى


(١) محو في الأصل، وترجمة الينشتي وأخباره في الروض المعطار: ١٠٣، ٦٢٢، والبيان المغرب ٣/ ٣٣٨، واختصار القدح، وقال ابن الزبير في المترجم: "واقتصر على تفسير القرآن حتى شُهر بذلك، وكان يجلس للناس لذلك إلى أن توفي ... تعرفت أحواله أيام كوني بغرب العدوة واختلافي إلى سبتة وكان له صيت رحمه الله".
(٢) في روض القرطاس والجذوة وغيرهما أن المترجم لما "دعي للإمامة استرجع ثلاث مرات، فقيل له في ذلك، فقال: إنه أخبرني الشيخ الحافظ المحدث أبو ذر الخشني وأنا أروي عنه الأحكام في الحديث النبوي يوم توفي الفقيه عبد الله بن موسى المعلم وولي القضاعي عوضه فنظر إلى مليًّا ثم قال لي: يَا محمد! إنك تلي الإمامة بالصلاة بالناس في جامع القروين، وذلك في آخر عمرك، فلما دُعيت للإمامة ذكرت مقالة الشيخ وعلمت أن أجلي قد قرب فاسترجعت".
(٣) في بيوتات فاس وجذوة المقتبس: "ودفن بروضة سلفه بالقرب من باب الفتوح".
(٤) في بيوتات فاس: "وخرج الناس في جنازته، ولم يبق صغير ولا كبير إلا وأسف. ذكر ذلك الحافظ ابن عبد الملك في الذيل والتكملة".
(٥) كذا في الأصل، وهي صحيحة، ويقال أيضًا: وأطالوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>