للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاسمُ بن أبي بكر بن عليّ القُرَشيُّ القَرَويُّ، وأبَوا القاسم: ابنُ الحَدّاد وابنُ رَحْمون،

وأبَوا محمد: ابنُ موسى الرُّكَيْبيُّ وعبد الحق بن عَبْدون، وأبو موسى عيسى بن عَبْدون، وأبو الوليد ابنُ الحاجّ.

وكان راويةً للحديثِ شديدَ العناية بلقاءِ المشايخ والأخْذِ عنهم، عارفًا بالقراءات، مجوِّدًا للقرآن حَسَنَ التأدية له، صادقَ الزُّهد والوَرَع، بارًّا بطلَبةِ العلم، صَليبًا في الحقّ مُصمِّمًا عليه، كثيرَ التقشُّف، متقلِّلًا من الدّنيا لا يَتلبَّسُ إلا بأقلِّ ما يُمكنُ من مطعَم وملبَسٍ ومسكَن.

قال أبو عبد الله ابنُ عبد الرّحمن التُّجِيبيُّ (١) وقد ذَكَرَه آخِرَ حرفِ الياء من "معجَم شيوخِه": ختَمتُ بذكرِه هذا المجموعَ لبركتِه وفَضْلِه.

وقال أبو عبد الله ابنُ مجُبر (٢): كان مصمِّمًا في الحقّ لا تَجري لأحد مَظلمةٌ إلا كشَفَها، غَضِبَ أبو العلاء إدريسُ بن أبي يعقوبَ بن عبد المؤمن أميرُ سَبْتةَ (٣) الشديدُ البأسِ على الناس يومًا على أهلِها، فأمَرَ أن يُحشَرَ الناسُ خارجَها في صَعِيد، وصعِدَ صَرْحًا كان صُنعَ له هنالك من الخشَب، واجتَمعَ الناسُ رفيعُهم ووَضِيعُهم، وطال بهم المُقام وضَرّتْهمُ الشمسُ، فلم يُكلِّمْهم ولا أذِنَ لهم في الانصرافِ والتفرُّق إلى أنِ انتهى الخَبَرُ إلى أبي الحُسَين ابن الصائغ رحمه الله، فجاء حتّى بَلَغَ من مَرْقَب أبي العلاءِ بحيث يُعاينُه، ثم رَفَعَ رأسَه إليه، وكان في صوتِه جَهارةٌ وفي كلامِه إرهاب، فقال له: انصُبْ صِراطَك وضَعْ موازينَك في كلامٍ غير هذا ونحوه، ثم رَدَّ رأسَه إلى الناس وقال: امشُوا من هنا، فافتَرقَ الحَفْلُ طاعةً [لأمرِه لمعرفتِهم] بمكانِه عندَ الله تعالى، ونَزلَ أبو العلاء عن مَرْقبِه ذلك [واختَلطَ] بالناس.


(١) ترجمته ومراجعها في السفر السادس رقم (٩٤١).
(٢) تقدمت ترجمته رقم (٨٤).
(٣) هو أبو العلاء الكبير أو الأكبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>