للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتَبَ إلى قاضي القضاة، وأسنى موصُوفٍ بالشِّيَم المُرتضاة، بَحْرِ النَّدى وبدرِ النادي، أبي إسحاقَ بن أبي زَيْد المَكّادي (١) [من الكامل]:

إن يُقضَ جَمْعُك بالكريم المُرتضَى ... قاضي الجماعة فالمُنى لكَ تقتضى

حَكَمتْ معاليهِ لقاصدِه بما ... يَبْغي وحاشَ لحُكمه أن يُنقَضا

ولأنت يا ابنَ الطيّبينَ أحقُّ مَن ... بالبِرِّ والفَضْل المُبَرِّ لهُ قضَى

أحيَيْتَ من ساداتِ قومِك قُدِّسوا ... في الفَضْل والأدَبِ الوصيَّ معَ الرِّضا

وأعدتَ فَخْرَ المعدِن الحَسَنيِّ في ... باقي الزّمان كعهدِه فيما مضَى

أنتم وحقِّ البيتِ آل البيتِ قد ... [أُلبِستُمُ الشرَفَ النَّقيَّ الأبيضا]

وأبوكمُ سألَ المودّةَ فيكمُ ... صلى [عليه اللهُ ما قمرٌ أضا]

يَرِدُ على سيِّدي قاضي القُضاة، الفَذِّ في شِيَمِه المُرتضاة، من هذا [الشّريف الأجَلّ] المباركِ الأطهر [الأكمل] , نَجْم الدّين ابن مُهذَّب الدِّين، وَقَاهُ اللهُ الأفول، [وأبقاه فَرْعًا يُحيى تلك] الأصُول؛ نظيرُ النَّجم سَنًا مُنيرًا، وسُرًى ومَسِيرًا؛ وحيّاه اللهُ من ذي [مُحَيّا بِشْرُه للوَحْشة] طارد، وظَرْفُه كأنما استَملَى منه عُطارد؛ يَروي من الآدابِ عيونَها، ويَجْلو [من المحاسِن] أبكارَها وعُونَها، وقد راضَ من المسالكَ ما استَعصَى، وانتهَى إلى المغربِ الأدنى من المشرِق الأقصى؛ حتى كأنه أراد أن يَبلُغَ حيث بَلَغَ ذكْرُ مجدِه، أو يَفرُغَ من مساحة ما كان زُوِي (٢) لسيّد الأوَلينَ والآخِرينَ جَدِّه؛ وله في معاني التَّجوال ومُعاناةِ الأهوال؛ قَصَصٌ


(١) لا نجد له ترجمة في المصادر التي بين أيدينا، وقد كان قاضي الجماعة بمراكش في عهد الرشيد الموحدي وأخيه السعيد. وكان أبوه أبو زَيْد المكادي قاضي الجماعة في عهد والدهما المأمون. وفي رسائل ابن عميرة رسائل أخرى موجهة إلى أبي إسحاق المكادي هذا (وراجع الترجمة رقم ١٠).
(٢) في الأصل: روي، والصواب ما أثبتنا، والإشارة إلى حديث: "إن الله تعالى زوى لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها". وزوى: جمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>