للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَى عنه أبو بكرٍ عَتِيقٌ وابنُه أبو الحَسَن ابنا مؤمن، وأبو تمّام غالبُ بن زياد، وأبو محمد الحَجْري.

وكان شيخًا حَسَنَ الخُلُق والخَلْق، وَقورَ المجلِس، كثيرَ البِرِّ، كبيرَ الجاه، قديمَ النَّجابة، ابتدَأَ بطلبِ العلم وهُو ابنُ ثلاثَ عشْرةَ سنةً، حريصا على إفادتِه مُكرِمًا لطلبتِه مُواليَ الإحسانِ إليهم متمكِّنَ الجِدَة، أعلى أهلِ عصرِه همّةَ في اقتناءِ الكتُب وأشدَّهمُ اعتناءً بها ينتخبُها ويتّخذُ لأعلاقِها صُوّاناتٍ وحفائظَ، وجمَعَ منها في كلِّ فنٍّ الكثيرَ النّفيس، وكتَبَ بخطِّه النبيل غيرَ شيء. وكان بصيرًا بعَقْدِ الشُّروط، نزهَ النفْس، ظاهرَ السَّراوة في أحوالِه كلِّها، حسَنَ الوَساطةِ للناس فيما يَرجِعونَ إليه به من أمورِهم، وشُووِر بغَرناطةَ ثم بقُرطُبة، واستمَرَّ على ما وُصِفَ من حالِه عامّةَ عمُره، فلمّا كانتِ الفتنةُ التي أثارها أبو [جعفرٍ] (١) حَمدينٌ داخَلَه في بعض أمورِه وتصَرَّفَ معَه تصَرُّفًا أنكَرَه بعضُ الناس عليه، واللهُ أعلمُ بنيّيه ومُتجاوزٌ بفضلِه عن سيّئاتِه.

ووقَفْتُ على أسماءِ بعض شيوخ أبي الحَسَن بن مؤمِن الأندَلُسيِّينَ. وقد ذَكَرَه فيهم بخطِّه وكتَبَ بها من مُستقَرّه مدينةِ فاسَ إلى شيخِه الراوِية أبي القاسم ابن بَشْكُوال بقُرْطُبةَ مطالعًا له بهم ليُعرِّفَه بما عندَه من أحوالِهم، فكتَبَ أبو القاسم بخطِّه على مُعظمِهم ما عندَه فيهم، وكتَبَ على أبي جعفرٍ هذا ما نصُّه: يُسْقَط. وقد رَوى عنه أبو محمد الحَجْريُّ وهو القائل: ما حمَلْتُ إلّا عن الشّيوخ الأعلام الذين ليس فيهم ما يقال، ولقد سَمِعتُ عن رجُل من شيوخي شيئًا قليلًا فلم أذكُره، يعني ترَكَ الرِّوايةَ عنه، وتكلَّم أبو جعفر بن عبد الرحمن البِطْرَوجيُّ في رواييه عن أبي عبد الله بن فَرَج، فتَحامى بعضُ الناس الروايةَ عنه من طريقِه تلك.


(١) بياض في الأصل، وهو أبو جعفر محمدين بن محمد بن علي بن حمدين التغلبي المتأمر بقرطبة، ترجمته في التكملة (٧٨٨)، وأخباره في الحلة السيراء ٢/ ٢٠٦، ٢١١ - ٢١٣، ٢١٨ وغيرها، والمرقبة العليا ١٠٣ - ١٠٤، وأعمال الأعلام ٢٥٢ - ٢٥٣ وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>