للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعروف بالمقطع قِبلةَ البلد، وفيهم العلماءُ والصالحونَ والأخيارُ، كأبي عامرٍ هذا وأبي الحَكَم عَمْرِو بن بَطّال وأبي العبّاس بن أبي مَرْوان وغيرِهم، فوُضحَ السّيفُ فيهم وقُتلوا عن آخِرِهم، فقيل، وهو آخرُ ما وقَعَ الاتّفاق عليه: إنّ الذين قُتلوا من أهل البلد ثمانيةُ آلاف، ومن الأقطارِ أربعةُ آلاف، وبيع نساء (١) الجميعِ، وكانت ملحمةً فاقتِ الملاحمَ في خَرْق العادة، وقَضَت على قوم بالشّقاوة والآخرينَ بالسعادة، وأُنهيَ نبَؤُها الشَّنيعُ إلى أبي محمدٍ عبد المؤمن بن عليّ وهو بمَرّاكُش، فنَفَذَ أمرُه بتسريح الحافظ أبي بكر ابن الجَدِّ واعتقال المستبِدِّ بهذه الفَتْكة الفظيعة أبي زكريّا المذكور وتصفيدِه في الحديد، فامتَثلَ ذلك إثْرَ صلاة عيد الفِطر من تلك السّنة واحتُمل إلى مَرّاكُشَ مُعتقَلًا وأُلزِمَ سُكنى دارِه مُعرَضًا عنه، إلى أن توَجَّه أبو محمدٍ عبدُ المؤمن بن عليّ إلى تينمللَ برَسْم الزيارةِ المعروفة عندَهم، فاحتَمَلَه معَه واستُعطِفَ له هنالك وشُفع فيه فحَلّ وِثاقَه وأعاده إلى استخدامِه وما يليقُ به من استعمالِه. وبعدَ فِرار الوُهَيْبيِّ عن لَبْلَة سكَنَ طبيرةَ (٢)، وأشعَلَ هنالك نارَ الفتنة وداخَلَ ابنَ الرّيق صاحبَ قلمريّة فهادَنَه على ما بيدِه، واستمالَه أهلُ قصرِ أبي دانسَ إليهم فسار نَحوَهم، وتأمَّرَ فيهم مُدَيْدةً، ثم قَتَلَه الله (٣) هنالك بأيديهم وكفَى اللهُ شرَّه (٤).

٢٤٥ - أحمدُ (٥) بن عبد الله بن يحيى بن يحيى بن يحيى -ثلاثةً- ابن كَثِير بن وَسْلاسَ بن شَمْلَلَ بن مَنْقَايا المَصْموديُّ الصّادِيُّ الرُّكُوني.


(١) في ق: "النساء".
(٢) في م: "طيرة".
(٣) لفظ الجلالة زيادة من م.
(٤) انظر أيضًا في كائنة ليلة المذكورة البيان المغرب ٣/ ٢٩ - ٣٠ (قسم الموحدين). وكلام المؤلف فيها أكثر تفصيلًا، وكأن ابن عذاري نقل منه، وهو ينقل عنه في مواضع عديدة من القسم الخاص بالموحدين.
(٥) ترجمه ابن الأبار في التكملة (١١)، والذهبي في تاريخ الإسلام ٧/ ٤٨٧، والسيوطي في بغية الوعاة ١/ ٣٢٠، ووالد جده يحيى بن يحيى الليثي فقيه الأندلس الأكبر وراوي "الموطإ" عن الإمام مالك والمتوفى سنة ٢٣٤ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>