للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَظْم أو نثر. ونُكِبَ نَكَباتٍ نفَعَه اللهُ وامتُحِن بالأسْر سنةَ أربعينَ وخمس مئة وحُمِلَ إلى طُلَيْطُلةَ وبها ألّف كتابَه المسَمَّى بـ "مَقامعِ هاماتِ الصُّلْبان ورواتعِ (١) رِياض الإيمان" يرُدُّ به على بعض القِسِّيسِينَ بطُلَيْطُلة، وتَركَه في نُسَخ بأيدي جماعة من المسلمينَ المُبْتلَيْنَ بالأسْرِ هناك لمّا يَسَّر اللهُ في تخلّصِه، فانفصلَ عنها سنةَ اثنتينِ وأربعينَ وخمس مئة، وله تصانيفُ مفيدة ككتابِه "آفاقِ الشموس" في الأقضيةِ النَّبَوية، ومختصَرِه "إشراقِ الشُّموس"، و"نَفَس الصّباح" في غريبِ القرآن وناسخِه ومنسوخِه، و"حُسن المُرتفَق في بيان ما عليه المتّفَق فيما بعد الفجر وقبل الشّفَق"، و "قَصدِ السبيل في معرفةِ آيات الرسُول" -صلى الله عليه وسلم -، و "مقام المُدرِك في إفحام المشرِك"، وكلُّ ذلك من أحفلِ ما أُلِّف في معناه، إلى غير ذلك من الأجوِبة عن المسائل التي كانت ترِدُ عليه، وكان أبو القاسم بن بَقِيّ يُكثرُ الثناءَ عليه ويقولُ بفضلِه.

ولمّا قَدِمَ مدينةَ فاسَ التزَم إسماعَ الحديث والتكلُّمَ على معانيه بجامع القَرَوّيينَ إحدى عُدوتَيْ فاس، واستمَرَّ على ذلك صابرًا محتسِبًا ونفَعَ اللهُ به خَلْقًا كثيرًا، وحضَر مجلسَه يومًا خَطَّابٌ رَئيسُ أهل المَعدِن فسمع كلامَه وأُعجِبَ به وسألَ عن مؤونتِه فأُخبِر أنها من تفقُّد الإخْوانِ وإحسانِهم فتقَدَّم إليه وتعرَّف له وسألَه تعيينَ ما يحتاجُ إليه عن نفَقةٍ في كلِّ سنة فقال له: ثلاث مئة دينارٍ وسِتُّونَ دينارًا، فدفعَ له خَطّابٌ ثمان مئة دينار وقال له: هذه جِرايةُ عامَيْنِ لك دون ما تحتاجُ إليه من كُسْوة ومُؤَنِ مواسم، ورَتَّب له هذه الجِرايةَ ولم يقطَعْها عنه مدّةً من تسعةِ أعوام، جزاهُ اللهُ أفضلَ جزاءِ المحسِنين إلى أن توفِّي أبو جعفرٍ بفاسَ عقِبَ ذي الحجّة من سنة ثِنتينِ وثمانينَ وخمس مئة، ومولدُه سنةَ تسعَ عشْرةَ وخمس مئة.

٣٠٩ - أحمدُ بن عبد العزيز بن إبراهيمَ الجُذَاميُّ.

رَوى عن أبي محمد بن أبي جعفر.


(١) في م: "وروائع".

<<  <  ج: ص:  >  >>