للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوى عنه صِهرُه أبو الوليد سَعْدُ السُّعود بن عُفَيْر، وأبو زيدٍ وأبو العبّاس ابنا خَليل، وخَضِرُ بن محمد بن نَمِر، وأبو الحَسَن بن عَتِيق بن موسى، وأبوا محمد: ابن أحمدَ بن جُمهور وعبدُ الجليل بن عُفَيْر.

وكان محدِّثًا حافظًا لأسانيدِ الحديث ومُتونه (١) يَستظهرُ من كُتبِ الحديث جُملةً منها: "صحيحُ مسلم" حتى لَيُؤْثَرُ عنه أنه نَسَخَ منه نُسَخًا من حِفظِه ذاكرًا لأسماءِ الرِّجال وتوارنحهم وتعديلِهم وتجريحهم مُميزاً لهم، بَذّ في ذلك كلِّه أهلَ عصرِه حتى كان يقالُ فيه: ابنُ مَعِينِ وقتِه، وكان أبو محمد بن جُمهور يقولُ فيه: كان بُخاريَّ زمانِه.

وقال أبو العبّاس ابنُ خليل: سألتُه أن يُمليَ عليّ كتابًا في رجال الحديث، فأملَى عليّ من ذلك كثيرًا دونَ تأمُّل في كتاب ولا استمداد من ديوان، ثم إنه نَقَّر بعدُ عن صحّةِ ما أملاه فوافَقَ ما قيَّده المحقِّقونَ والحُفّاظ المتقدِّمونَ من أصحاب التواريخ في أسماءِ الرجال وأحوالِهم.

وكان فقيهًا ظاهريَّ المذهب حَزْميَّه، زاهدًا وَرِعًا، حديثَ السِّنِّ كبيرَ المعرِفة، بارعَ الخطِّ متقدِّمًا في جَوْدة الضبط، وألّف في السُّنَن كتابَه الكبير المسَمَّى بـ "المنتخَب المنتقَى" جمَعَ فيه مفترِقَ الصحيح من الحديث الواقع في المُصنَّفات والمُسنَدات، وطريقَه هذا حَذا أبو محمدٍ عبدُ الحقّ بن عبد الرحمن ابن الخَرّاط في كتابِه "الأحكام"، إذ كان ملازمًا له ومُستفيدًا منه. وكان أيامَ الفتنة يَعمُر البواديَ والبراري، ويتعيّشُ من المُباحات كالصَّيد وأشباهِه.

واستُشهدَ نفَعَه الله قبلَ سنِّ الكهولة في قَتْلة أهل لَبْلةَ الشَّنعاءِ، أنصَفَهم اللهُ ممّن اعتَدى عليهم، يومَ الخميس لأربعَ عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من شعبانِ تسعةٍ وأربعينَ وخمس مئة حسبَما تقَدَّم ذكْرُه في رَسْم أبي عامرٍ أحمدَ بن عبد الله بن الجَدّ (٢)، وصَلّى عليه أبو الحَسَن ابنُ مؤمن.


(١) في: "ومتنه".
(٢) الترجمة (٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>