للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقام أبو القاسم محمدُ بن إبراهيمَ ابن المَواعِيني (١) وأخرَجَ من كُمِّه القصيدَ نفْسَه وقد صنَعَ فيه ما صنعتُ، وأخبَرَ بقصّتِه في ذلك فإذا قصتُهما واحدة، فضحِكَ الوالي من ذلك وأثابَهما ثوابَ غيرِهما من الشّعراء، وكثُرَ العَجَبُ من تَوارُدِهما على السّرِقة، وصارت بينَ الناس أُحْدوثة زماناً.

وبالجُملة، فإنه كان من الشّعراءِ المُجِيدين والأُدباء المبرِّزِين والأساتيذِ المُفيدين، وقد أنجَبَ تلامذة شُعراءَ بَرَعة. وممّا استُجيدَ من شعرِه في معنى المُناجاةِ: قولُه [الكامل]:

مولايَ إنّي ما أتيتُ جريمة ... إلا وقلْتُ: تَندّمي يَمحوها

لولا الرجاءُ ونيّةٌ لي نُطتَّها ... بكريم عَفْوِك لم أكنْ آتيها

ونَظْمُه كثيرٌ، ومنه في الغَزَل [مخلّع البسيط]:

كِلْني إلى أدمُع تسِحُّ ... تكتُبُ سرّ الهوى وتَمْحو

يا جُمَلًا في الفؤادِ تُعْيي ... هل لك بينَ الجُفونِ شَرحُ

أفْدي التي لو بَغَتْ فسادًا ... لم يكُ بينَ الأنامِ صُلحُ

شَحَّ بها أهلُها وضَنُّوا ... أنا بها لو دَرَوْا أشَحُّ

رَبِيْتُ جِدًّا بها ومَزْحًا ... فعاش جِدٌّ مات مَزْحُ

صاحيةٌ والجفونُ سَكْرى ... مَن أسكَرَتْهُ فليس يَصْحو

إنْ نالَني معشَرٌ بلَوْمٍ ... في طَيِّه الغِشُّ وهْو نُصْحُ

قد قَدَحوا لو شَعْرتِ قلبي ... فيكِ وقَدْحُ اللّئام مَدْحُ

جارَ عليكِ العبادُ ظُلمًا ... سَمَّوكِ ليلى وأنت صُبْحُ

لو صحَّ أنّ الملامَ يُسْلي ... لَصحَّ أنّ الصّباحَ جُنْحُ (٢)


(١) مترجم في التكملة (١٤٣٣).
(٢) الأبيات: ١، ٢، ٣، ٦، ٩، ١٠ وردت في زاد المسافر: ٥٢ - ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>