للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تُصرِّفُ غيرَ العَضْب راحتُهُ ... أو اليَراعةِ أو أشباهِها اللُّدُنِ

عندي أبا جعفرٍ مَن رَعْي وُدِّك ما ... ما يُرضي إخاءكَ واخبُرْ ذاك وامتَحِنِ

وُدٌّ كشِعركَ لا عيبٌ يُدنَسُهُ ... بادي الصّفاءُ من الأقذاءِ والدَّرَنِ

حسبُ الذي هوبالإسهابِ متّصفٌ ... مقالُهُ فيك: هذا نُخبةُ الزّمنِ

أنت الكَرى مؤنِساً طَرْفي وبعضُهمُ ... مثلُ القَذَى مانِعاً جَفْني من الوَسَنِ (١)

فأجابه أبو العبّاس وعَرَّض بقومٍ بَغَوْا عليه حسَداً له، أشَدُّهم في ذلك أبو مَرْوانَ بن زَغْبُوش (٢) بقولِه [البسيط]:

أنا المَليُّ بما يُسلي عن الوطنِ ... وقد حصَلْتُ على كَنْزٍ من الفِطَنِ

إنّي وجدتُ حلالَ السّحرِ مُنطَوياً ... في قطعة الظَّرف طيَّ المنطقِ اللَّحِنِ

تُثني المثانيْ إذاتُبدي صحيفتُها ... من كلِّ قافيةٍ سَجْعاً على فَنَنِ

وتَجتلي العينُ من لَأْلاءِ أسطُرِها ... ما شاءه الحُسنُ من زَهرٍ على غُصُنِ

ما إن تجاوَزَها سَمْعي ولا بَصَري ... لأنّها فتنةٌ للعينِ والأُذُنِ

لو أنّها فوقَ عِطفِ الشام كان بها ... يَزهَى على الوَشْي من صنعاءً في اليمنِ

ما لي مكافأةٌ لا عنها ولو نَسَقَتْ ... آدابيَ الغُرَّ غُزُّ الشُّهْبِ في قَرَنِ

مهما أُبارِ الذي أسْدَى بها يدُهُ ... يَستَنَّ دُونيَ في شَأْوِ العُلى وأَني


(١) انظر البيت في ديوان الشريف الرضي ٥٢٩.
(٢) هو من أسرة الزغابشة المكناسيين الذي بادروا إلى تأييد دولة الموحّدين أول ظهورها، فقتل منهم جماعة على يد يدّر بن ولكوط والي مكناسة من قبل المرابطين، ونال من بقي منهم جاهًا كبيرًا عند الموحدين، وظلّوا يتولون خدمتهم في الحاشية والقضاء بالأندلس وغيرها إلى نهاية دولتهم، وقد انتقل بعضهم من مكناسة إلى الأندلس وانتقل آخرون منهم إلى مراكش. قال ابن غازي: وقد ذكر ابن عبد الملك في تكملته جماعة منهم. قلت: ولا بد أن أبا مروان عبد الملك ابن زغبوش المذكور ممن ترجم لهم ابن عبد الملك، وينبغي أن تكون ترجمته في قسم الغرباء من السفر السابع، وهو مفقود. وانظر في الزغابشة الروض الهتون ١٧، ٢٩، ٥٢ (المطبعة الملكية- الرباط). وقد ظل الزغابشة يُعرفون بهذا الاسم في مكناس حتى عهد غير بعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>