للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما أُقْرئْتُ أو أُسْمِعـ ... ـتُ من هَزْلٍ ومن جَدِّ

وما نُووِلْتُهُ وأُجِزْ ... تُهُ فيُزادُ في العَدِّ

فإنّ سعيدًا الحَكَمى ... يُهْديه لمُسْتَهْدِ

وتصحيحُ الذي يَرْوُونَ ... عنّي غايةُ القَصْدِ

وبالله اعتَمَدْتُ على ... أُموري كلِّها جَهدي

وكان نَحْوّيًا أديبًا حسَنَ التصَرُّف في إنشاءِ الكلام نَظْمًا ونَثْرًا، مُشارِكًا في الفقه والحديث ومعرِفة رجالِه، ذا حظٍّ صالح من عِلم الطبّ.

خرَجَ عن الأندَلُس قديمًا في فَتائه إلى إفريقيّة، فكتَبَ بها عن بعضِ أُمرائها، ثُم دَخَلَ مَيُوْرْقَةَ في الأم يحيى بن أبي عِمران (١)، ومنها استُعمِلَ على مَجْبى منرقة وأمْرِ الأجنادِ بها، فدخَلَ إليها في رمضانِ أربع وعشرينَ وست مئة، واستمرَّ نظَرُه على ذلك إلى أن تغَلَّب النّصارى على مَيُورْقَةَ [....] (٢) والتمسَ من أهل مَنُرْقَة عَقْدَ الصُّلح بينَهم وبينَ المتغلِّب على مَيُورْقة، فتوجَّه إليه وأحْكَمَ رِبَاطَ الصُّلح بينَه وبينَهم وعاد إلى مَنُرْقةَ وأمرُها راجعٌ إليه، ثُم نشَأَ ما دَعاهُ إلى التوَجُّه إلى مَيُورْقةَ للأخْذ معَ المتغلِّب عليها، فرَبَطَ الصُلحَ معه ثانيةً عن أهل مَنُرْقة إلى أن طَرَأتْ فتنةٌ جَلَتْ عن استيلائه على ثَغْر مَنُرْقة وخُلوصِها له، وذلك [١٠ ب] لثلاثٍ خَلَوْنَ من شوّالِ أحدٍ وثلاثينَ وست مئة، فضَبَطَه أحْكَمَ ضَبْط وسار فيه أعدَلَ سِيرة واستقام أمرُ الثَّغْر على يدِه وهابَه النَّصارى المُصاقِبونَ له من كلِّ جهة، فجَرَتْ أحوالُ المسلمينَ به على خير تامّ وصَلاح عامّ بحُسن سياستِه وجميل نَظَرِه، وصار مقصودًا من البلاد النّائية مرغوبًا في لقائه من أصنافِ الناس، فانتابَهُ أهلُ العلم وطلَبتُهُ من بلاد الأندَلُس وبَرِّ العُدْوة، فكان يُحسِنُ إليهم وَيستجلِبُ وُدَّهم وُيجيدُ القيامَ بهم ما أقاموا لديه وُيحسِنُ صَرْفَ مَن


(١) ينظر كتاب الدكتور محمد بن شريفة عن ابن عميرة ٢٩١ - ٢٩٢.
(٢) بياض في الأصل، وكان استيلاء النصارى على ميورقة سنة ٦٢٧ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>