للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوى عن آباءِ الحَسَن: أَبيه والدَّبَاج وابن الفَخّار الشَّرِيشي وابن قُطْرال، وأبي الحُسَين بن زَرْقُون، وأبي القاسم ابن الجَدِّ التّونُسي.

رَوى عنه جماعةٌ من أصحابِنا، وكتَبَ إليّ بإجازةِ ما رَواهُ وألَّفَه وأنشَأَه نَظْمًا ونَثْرًا، وكان خاتمةَ الأُدباء بالأندَلُس بارعَ التصرُّف في منظوم الكلام ومنثورِه، فقيهًا حافظًا فَرَضيًّا متفنِّنًا في معارفَ جَليلة نبيلَ المَنازِع متواضِعًا، مقتصِدًا في أحوالِه، وله مقاماتٌ بديعة في أغراضٍ شتى، وكلامُه نظمًا ونثرًا مُدوَّن، وصَنَّف في الفرائضِ وأعمالِها مختصَرًا نافعًا نَظْمًا ونَثْرًا, وله تأليفٌ في العَروض وتأليفٌ في صَنْعة الشِّعر سَمّاه "الكافي (١) في علم القوافي" وأودَعَه جُملةً وافرةً من نَظْمه، فمنه في باب التشبيه (٢) [الخفيف]:

عَلِّلاني بذِكْرِ تلك اللّيالي ... وعهودٍ عهِدتُها كاللَّآلي

لستُ أنسَى للحُبِّ ليلةَ أُنْسٍ ... صالَ فيها على النَّوى بالوِصالِ

غَفَلَ الدّهرُ والرَّقيبُ وبِتْنا ... فعجِبْنا منَ اتِّفاقِ المُحالِ

ضَمَّنا ضمَّةَ الوِشاحِ عِنَاقٌ ... بيمينٍ معقودةٍ بشِمالِ

فبَرَدْتُ الحَشَا بلَثْمِ بَرودٍ ... لم يزَلْ بي حتّى خَبَا لي خَبَالي

وكؤوسُ المُدام تَجْلو عَروسًا ... أضحَكَ المَزْجُ ثَغْرَها عن لَآلِ

[٤٠ أ] ولنَحْرِ الدُّجى ذوابلُ شَمْعٍ ... عَكَسَتْ في الزُّجاجِ نُورَ الذُّبالِ

والثُّريّا تَمُدُّ كفًّا خَضِيبًا ... أَعجَمَتْ بالسِّماكِ نونَ الهلالِ

وكأنّ الصّباحَ إذْ لاح سَيْفٌ ... يُنتضَى مِنْ غينٍ وميمٍ ودالِ

ومسَحْنا الكَرَى إلى غانياتٍ ... غانياتٍ بكلِّ سحرٍ حلالِ


(١) هكذا ورد هنا في الإحاطة، وأسمه في نسخة الرباط: الوافي.
(٢) انظر الوافي في نظم القوافي، الورقة ٤٣ (نسخة الرباط). وقد حققه الأستاذ محمد الخمار يرحمه الله بإشراف الدكتور محمد بن شريفة، وهو مرقون بكلية الآداب بالرباط.

<<  <  ج: ص:  >  >>