للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٧٥ - عبدُ الله (١) بن حَمّود بن عبد الله بن مَذحِج الزُّبيديُّ، إشبِيليٌّ، سكَنَ قُرطُبة.

رَوى عن أبي عليّ البغداديِّ واشتُهِر بصُحبتِه، ثُم رحَلَ إلى المشرِق فلزِمَ ببغدادَ أبا سعيدٍ السِّيرافيَّ إلى أن توفِّي، فلزِمَ أبا عليّ الفارِسيَّ ببغدادَ وغيرِها [٥٦ أ] من بلادِ العراق وفارسَ يَتبَعُه حيثُما حَلَّ ويُوافقُه حيثُ جالَ، وكان من جِلّة النُّحاة وأكابرِهم، وشَرَحَ "كتابَ سِيبويه"، وكانت له معرفةٌ بالشِّعر وتقَدُّمٌ في حِفظِ اللغة.

وذَكَرَ أبو الفُتُوح الجُرجَانيُّ أنّ أبا عليّ الفارسيَّ غَلَّسَ يومًا لصلاة الصُّبح في المسجد، فقام إليه أبو محمد الزُّبيديُّ من مِزوَدٍ كان لدابّةِ أبي عليّ خارجَ الدار قد باتَ فيه أبو محمد أو أدْلَجَ إليه ليكونَ أوّلَ واردٍ عليه، فارتاعَ منه أبو عليّ وقال له: وْيحَك! من تكون؟ قال: أنا عبدُ الله الأندَلُسي، فقال له: إلى كم تتبَعُني؟! والله إنْ على وَجْه الأرض أنْحَى منكَ.

وقرَأَ (٢) يومًا على أبي عليّ في "نوادِر" الأصمَعيّ: "أكَأْتُ الرجُل": إذا ردَدْتَه عنك، فقال له أبو علي: ألْحِقْ هذه الكلمةَ ببابِ "أَجَأَ"، فلم أجدْ لها نَظيرًا غيرَها، فسارَعَ مَن حولَه إلى كتابها، فقال الزُّبيديُّ: ليس أكَأْتُ من أجَأَ في شيء، قال: وكيف؟ قال: قلت: لأنَّ إسحاقَ بنَ إبراهيم المَوْصِليَّ وقُطْرُبًا النَّحويَّ حَكَيا أنه يقال: كَيَأَ الرجُلُ: إذا جَبُنَ، فخَجِلَ الشّيخُ وقال: إذا كان كذا فليس منهُ، فضَرَبَ كلُّ واحد منهم على ما كتَبَ.

وتوفِّي ببغدادَ سنةَ ثِنتينِ وسبعينَ وثلاث مئة.


(١) ترجمه ياقوت في معجم الأدباء ٤/ ١٥١٧، والقفطي في إنباه الرواة ٢/ ١١٨، وابن الأبار في التكملة (١٩٧٤)، واليمني في إشادة التعيين (١٦١)، وابن مكتوم في تلخيصه (٩٣)، والصفدي في الوافي ١٧/ ١٥١، والفيروزآبادي في البلغة (١٧٧)، والسيوطي في بغية الوعاة ٢/ ٤١، والمقري في نفح الطيب ٢/ ٦٤٧.
(٢) انظر الخبر في إنباه الرواة ٢/ ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>