للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تقَدَّم رَفْعُ نَسَبِه في رَسْم ابنِه زُهْر. رَوى بالأندَلُس عن طائفةٍ من أهلِها، ورَحَلَ وحَجّ، ودَخَلَ القَيْروانَ ومِصر، وأقام في رحلتِه طويلًا، ثم قَفَلَ إلى الأندَلُس واستَوطَنَ دانِيَةَ.

رَوى عنه ابنُه أبو العلاء؛ وكان فقيهًا حافظًا يَقِظًا ذاكرًا، متفنِّنًا في معارفَ ماهرًا في الطبّ، تعَلَّمه في رحلتِه عندَ رؤساءِ أهلِه حتّى برَعَ فيه وشُهِرَ به وأورَثَه عقِبَه، متقدّمًا في التعاليم وجَلَبَ من المشرِق دواوينَ من فنونِ العلم على تفاريقِها، منها: ["القانون" في الطب لإبن سينا] (١) فهُو أوّلُ من أدخَلَه الأندَلُس. وتوفِّي بدانِيَةَ ودُفنَ بإزاءِ الجامع القديم مع قَبْرِ أبي الوليد الوَقَّشِيّ.

٩١ - عبدُ الملِك (٢) بن محمد بن مَسْعود بن فَرَج بن خَلَصَةَ أبي الخِصَال [....]، (٣)، فَرْغَلِيطيُّ الأصل، أبو مَرْوان.

وهُو وَلَد ذي الوِزَارتَيْنِ أبي عبد الله بن أبي الخِصَال. رَوى عن أبيه، وعمِّه أبي مَرْوانَ، وأبي محمد عبد الحقِّ بن عَطِيّة. وكان فاضلًا دَيِّنًا من نُجَباءِ الأبناء، نشَأَ على صَوْنٍ وعَفَاف وانقطاع إلى طلَبِ العلم وفنونِ الخَيْر، ثم رَحَلَ وحَجَّ وعاد إلى الأندَلُس. وقُتل في حدودِ الثلاثينَ وخمس مئة، وثَكِلَه أبوه رحمَهما اللهُ، ورَثَاه بقصيدةٍ فريدة هي هذه [الطويل]:

جزِعتُ وقد كان التجَلُّدُ بي أحرَى ... ولكنَّ زَنْدَ الوجدِ في كبِدي أورَى

وما فاضَ هذا الدَّمعُ إلّا لزَفْرةٍ ... أُحِسُّ لها في كلِّ جارحةٍ مَسْرى

رُزِئتُ بمن لا أملِكُ العينَ بعدَه ... ففي كلِّ ما حينٍ لها عَبْرةٌ تَتْرى

وإنّي لأنساهُ ذُهولًا وحَيْرةً ... وما ذلك النِّسْيانُ إلّا من الذِّكرى


(١) بياض في النسخ، واستفدنا ما بين الحاصرتين من عيون الأنباء لإبن أبي أصيبعة.
(٢) ترجمه ابن الأبار في التكملة (٢٤١٦). قال بشار: وقد ذهلت فأخطأت في تعليقي على ترجمته في التكملة حينما عددته هو وعمه واحدًا، فيحذف تعليقي ويصحح، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
(٣) بياض في النسخ، وفي حاشية ح: "الغافقي، قرطبي، وأصله من شقورة، وفر غليط من قراها".

<<  <  ج: ص:  >  >>