للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهُو أخو ذي الوِزارتَيْن أبي عبد الله وصغيرُه. رَوى عن أبي بحرٍ وغيرِه من أعلام أهل العلم بقُرطُبة. رَوى عنه أبو عبد الله ابنُ العَوِيص. وكان من أهل الأدبِ والتقدُّم في الكتابة والبلاغة والفصاحة، ذا حظٍّ من قَرْض الشِّعر، وكتَبَ عن بعض رُؤساءِ لَمْتُونَةَ بمَرّاكُشَ وبفاسَ وبغيرِهما، ثم تَخَلى عن ذلك وانقَطعَ إلى الله وأقبَلَ على ما يَعْنيهِ من أمر مَعادِه.

وتوفِّي لستٍّ بَقِينَ من شهر ربيع الأوّل سنةَ تسع وثلاثينَ وخمس مئة ابنَ نحوِ ستينَ سنةَ، ورَثاه أخوهُ كبيرُه أبو عبد الله بقصائدَ فرائد، منها هذه القصيدةُ [الكامل]:

الصبرُ أَجملُ لو أطَقْتُ الأَجمَلا ... وأَخفُّ لو صَدَقَ التجمُّلُ مَحْمَلا

يا واحدًا عمَّ الجميعَ مُصابُهُ ... ما كنتَ إلا عارضًا مُتَهلِّلا

قُدِّمتَ قَبْلي في الوفاةِ وهكذا ... يتقدَّمُ الأخيارُ أوَّلَ أوّلا

ولقد تخرَّمَتِ المَنِيّةُ شَطْرَنا ... وبقِيتَ في شَطْرٍ فكان الأفضلا [١٢ ظ]

عِشْنا بذلك حِقبةً في غِبطةٍ ... ونَداكَ يحمِلُ كلَّ عِبءٍ أثقَلا

وسدَدْتَ خُلَّةَ من مضَى لمّا انقضَى ... واستقبَلَ الباقونَ خَطْبًا مُقبِلا

وكفَيْتَني وكَفيْتَهمْ ما يُتَّقى ... وجَلَوْتَ خَطْبَ الدهرِ عنّا فانْجلَى

فلْيَبْكِيَنَّكَ كلُّ نادٍ صالحٍ ... ولَيَنْدُبَنَّكَ مَن أَحبَّ ومَنْ قَلَى

ولَيَبْقَيَنَّ عليكَ ذكْرٌ ناصعٌ ... ما أدبَرَ اللّيلُ البَهيمُ وأقبَلا

جَمَّلْتَ عِشرتَنا وطولَ زمانِنا ... لمّا تَفَرَّطنا فكان كَلا ولا

يا مَنْ تواضَعَ قَدْر عن رِفعةٍ ... ما فوقَ ما أصبحتَ فيه مُعْتَلى

فاستَوْفِ حَظَّكَ عندَ ربِّكَ كلَّهُ ... واحطُطْ لدَيْه فقد بلَغْتَ المنزِلا

فلهُ ترَكْتَ الفانياتِ ولم تزَلْ ... بالباقياتِ الصّالحاتِ مُوَكَّلا

<<  <  ج: ص:  >  >>