للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْجَارِ الْجُنُبِ} (٣٧) هَذَا هُوَ الأصْلُ، ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ حَتَّى قِيلَ لِكُلِّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ غُسْلٌ مِنْ جِمَاعٍ: جُنُبٌ. يُقَال: رَجُل جُنُبٌ، وَامْرَاة جُنُبٌ، وَرِجَال جُنُبٌ، يَسْتَوِى فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ، وَالْمُؤَنَّثُ وَرُبَّمَا قَالُوا (٣٨) فِي جَمْعِهِ: أجْنَابٌ وَجُنُبُون، يُقَالُ (٣٩) فِي فِعْلِهِ: أجْنَبَ الرَّجُلُ وجَنُبَ (أيْضًا) (٤٠) بِالضَّمِّ (٤١) وَيَكُونُ أيْضًا (بِمَعْنَى) (٤٢) الاعْتِزَال. يُقَالُ: نَزَلَ فُلَانٌ جَنْبَةً، أيْ: نَاحِيَةً وَاعْتَزَلَ النَّاسَ (٤٣).

قَوْلُهُ: (ثلَاثَ حَثَيَاتٍ) (٤٤) يُقَالُ مِنْهُ: حَثَّى يَحْثُو، وَحَثَى يَحْثِى (٤٥)، وَهُوَ إرْسَالُ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْكفِّ.

قَوْلُهُ: "أشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِى" (٤٦) وَ (كَانَ) (٤٧) لهَا ضَفَائِرُ، جَمْعُ ضَفِيرَةٍ قَال الأزْهَرِىُّ (٤٨): أخِذَت (٤٩) الضَّفِيرَةُ مِنَ الضَّفْرِ، يَعْني عَمَلَهَا، وَهُوَ نَسْجُ قُوَى الشَّعَرِ، وَإدْخَالُ بَعْضِهِ فِي بعْضٍ، فَإذَا لُوِيَتْ: فَهِيَ عِقَاصٌ وَاحِدَتُهَا: عَقِيصَةٌ.

قَوْلُهُ (٥٠): "خُذِى فِرْصَةٌ مِنْ مِسْكٍ" أَيْ: قِطْعَة، مَأْخُوذٌ مِنْ فَرَصْتُ الشَّىْءَ: إذَا قَطَعْتَهُ بِالْمِفْرَاص، وَهُوَ الَّذِى يُقْطعُ بِهِ الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ (٥١) يُتْبَعُ بِهَا أثَرُ الدَّم، مِن الْفَرْجِ؛ لِيُزِيلَ بِهِ عُفُونَتَهُ وَنَتْنَهُ وَيُطَيِّبُ مَوْضِعَهُ. وَالَّذِى يُرْوَىْ في الْحَدِيثِ: "فِرْصَة مُمَسَّكَةً" (٥٢) أيْ: قِطْعَة منْ صُوفٍ أوْ قُطْنٍ طُيِّبتْ بِالمِسْكِ، وَهُوَ أقْرَبُ إلَى الْمَعْنَى؛ لِأنَّ اسْتِعْمَالَ المِسْكِ فِي الْفَرْج خَالِصًا: مِنَ السَّرفِ وَالتَّبْذِيرِ الْمَنْهىِّ عَنْهُ، لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ (٥٣): "مِنْ مَسْكٍ" بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَهُوَ الْجِلْدُ، وَاحْتَجَّ بِأنَّهُمْ كَانُوا لَا يَتَوَسَّعُونَ فِي الْمَعَاش فَضْلًا عَنْ أَنْ يَمْتَهنُوا المِسْكَ. وَذَكَرَ فِي الْفَائِقِ (٥٤): خِرْقَةً مُمَسَّكَةً" أَيْ بَالِيَةً، وَهِىَ الَّتِى طَالَ إمْسَاكُهَا حَتَّى بَلِيَتْ؛ لِأن الخَلَقَ أَصْلَحُ فِي الاسْتِعْمَال لِلفَرْجِ.

قَوْلُهُ "تَوَضا بِمَا لَا يَبُلُّ الثَّرى" (٥٥) الثَّرى: التُرَابُ النَّدِىُّ (٥٦)، وَأرادَ هَا هُنَا التُّرابَ نَفْسُهُ اتِّسَاعًا.

قَؤلُهُ: "وَيَخْرَقُ بِالْكَثِيرِ فَلَا يَكْفِى" (٥٧) الْخُرْقُ: ضِدُّ الرِّفْقِ، وَمَعْنَاهُ هَا هُنَا: أنْ يُسْرِفَ بِالْمَاءِ وَيُبَدِّدَهُ وَلَا يَرْفُقُ وَ (لَا) (٥٨) يَقْتَصدُ. وَالرِّفْق: أَنْ يَأخُذَ الْمَاءَ قَلِيلًا قَلِيلًا عَلَى تُؤَدَةٍ مِنْ غَيْرِ عَبَثٍ، وَلَا تَبْذيرٍ. وَالْخَرْقُ: مَصْدَرُ الْأخْرَقِ، وَهُوَ ضِدُّ الرَّفِيقِ، وَقَدْ خَرِقَ بِالْكَسْرِ يَخْرَقُ خَرَقًا، وَالاسْمُ: الْخُرقُ (٥٩).


(٣٧) سورة النِّساء آية ٣٦.
(٣٨) ع: ويقال.
(٣٩) ع: ويقال.
(٤٠) أيضًا ساقط من خ والمثبت من ع والصحاح (جنب والنقل عنه).
(٤١) السابق وغريب الخطابي ٣/ ٦٩ والمحكم ٧/ ٣٢٣ والفائق ١/ ٢٣٨.
(٤٢) بمعنى ليس في خ.
(٤٣) اللسان (جنب ٦٩٢).
(٤٤) في المهذب ١/ ٣١: في صفة الغسل: ثمّ يحثى على رأسه ثلاث حثيات.
(٤٥) الصحاح (حثو) والعين ٣/ ٢٨٥ وتهذيب اللغة ٥/ ٢٠٩ والمحكم ٣/ ٣٨٤ واللسان (حثا ٧٧٦) وأفعال السرقسطى ١/ ٤٢١ وجمهرة اللغة ٣/ ٢١٧.
(٤٦) في المهذب ١/ ٣١: من حديث أم سلمة (ر): "إنى امرأة أشد ضفر رأس أفَأنْقُضه لغسل الجنابة؟ "
(٤٧) كان: ليس في خ.
(٤٨) في تهذيب اللغة ١٢/ ١١.
(٤٩) ع: أخذ.
(٥٠) في المهذب ١/ ٣١: إنَّ امرأة جات إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - تسأله عن الغسل من الحيض، فقال: خذى فرصة من مسك فتطهرى بها" الحديث في صحيح مسلم ١/ ٢٦٠ وسنن النسائي ١/ ١٣٦ ومعالم السنن ١/ ٩٧ وغريب الحديث ١/ ٦١ والفائق ١/ ٢٦٢ والنهاية ٣/ ٤٣١.
(٥١) الصحاح (فرص) والعين ٧/ ١١٢ واللسان (فرص ٣٣٨٦) والمراجع السابقة.
(٥٢) كذا في رواية أبي عبيد، والزمخشري، والخطابي، وابن الأثير غير أنّه ذكر أن الحديث روى "فرصة" وعن ابن قتيبة "قرضه".
(٥٣) غريب الحديث.
(٥٤) ١/ ٢٦٢.
(٥٥) في المهذب ١/ ٣١: روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ بما لا يبل الثرى ولم أعثر على هذا الحديث. وقال النووي: لا أعلم له أصلا. المجموع شرح المهذب ١/ ١٩٠.
(٥٦) كذا ذكر الهروى في الغريبين ١/ ٢٧٩ والقاضى عياض في مشارق الأنوار ١/ ١٢٩ والإسكافى في مبادئ اللغة ٢٩ وابن دريد في الجمهرة ٣/ ٢١٨.
(٥٧) في المهذب ١/ ٣١: قال الشافعي رحمه الله: وقد يرفق بالقليل فيكفى ويحرق بالكثير فلا يكفى.
(٥٨) لا: ليس في خ.
(٥٩) عن الصحاح (خرق) وانظر =