للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِنْ بَاب صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ

قَوْلُهُ: "فِي قَرْيَةٍ أوْ بَدْوٍ" (١) سُمِّيَتْ (٢) قَرْيَةً؛ لاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا، مِنْ قَرَيْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْض: إِذَا جَمَعْتَهُ. وَجَمْعُهَا "قُرًى" عَلَى غَيْر قِيَاس؛ لِأنَّ مَا كَانَ عَلَى "فَعْلَةٍ" بفَتْحِ الْفَاءِ (٣) فَجَمْعُهُ مَمْدُودٌ مِثْلُ: رَكْوَةٍ، وَرِكَاءٍ، وَظَبْيَةٍ وَظِبَاءٍ. وَيُقَالُ: قِرْيَةٌ بِالْكَسْرِ: لُغَةٌ يَمَانِيَةٌ (٤)، وَلَعَلَّهَا جُمِعَتْ عَلَى ذَلِكَ مِثْلُ لِحْيَةٍ وَلُحَى (٥). وَالْبَدْوُ: الْبَادِيَةُ. وَالنَّسَبُ إِلَيْهِ: بَدَوِىٌ. وَالْبَدَاوَةُ: الإقَامَةُ فِي الْبَاديَةِ يُفْتَحُ وَيُكْسَرُ (٦)، وَهُوَ ضِدُّ الحَضَارَةِ. وَفِى الْحَدِيثِ: "مَنْ بَدَا فَقَدْ جَفَا" (٧) أَيْ: مَنْ نَزَلَ الْبَادِيَةَ: صَارَ فِيهِ جَفَاءُ الْأعْرَابِ (٨).

قَوْلُهُ: "اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ" أَيْ: غَلَبَ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِم (٩)، جَاءَ بِالْوَاوِ عَلَى أَصْلِهِ، كَمَا جَاءَ اسْتَرْوَحَ وَاسْتَصْوَبَ (١٠).


(١) في المهذب ١/ ٩٣: روى أبو الدرداء (ر) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من ثلاثة في قرية أو بدو لا تقام فيهم الصلاة إِلا قد استحوذ عليهم الشيطان، عليك بالجماعة فإنما يأخذ الذئب القاصية من الغنم.
(٢) خ: وسميت.
(٣) من المعتل كما في الصحاح والمصباح (قرى).
(٤) كذا في العين ٥/ ٢٠٣ والصحاح (قرى) واللسان (قرى ٣٦١٧).
(٥) المراجع السابقة.
(٦) غريب الخطابى ١/ ٣٤٤ عن الأصمعى وأبى زيد.
(٧) مسند أحمد ٢/ ٣٧١؛ ٤/ ٢٩٧ والفائق ١/ ٨٧ والنهاية ١/ ١٠٨ والغريبين ١/ ١٤٦.
(٨) المراجع السابقة.
(٩) كذا في مجاز القرآن ١/ ١٤١، ٢/ ٢٥٥ ومعانى الفراء ٣/ ١٤٢ وتفسير الطبرى ٩/ ٣٢٥ وتفسير ابن قتيبة ١٣٦.
(١٠) قال الزجاج في معانيه ٢/ ١٣٣: قال النحويون: استحوذ خرج على أصله، فمن قال حاذ يحوذ لم يقل إلا استحاذ يستحيذ. ومن قال أحوذ فهو كما قال بعضهم: أجودت وأطيبت بمعنى أجدت وأطيبت.