للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَطَنِهِ: إِذَا فَارَقَهُ. وَبَيْنَهُمَا بَيْنٌ بَعِيدٌ وَبَوْنٌ بَعِيدٌ، وَالْوَاوُ أَفْصَحُ (٧٢)، فَكَأَنَّ الْمُصْلِح يَجْمَعُ بَيْنَ الْمُتَبَاعِدَيْنِ وَيُؤَلِّفُ بَيْنَ الْمُتَفَرِّقَيْنِ (٧٣)، وَأَتَى بِلَفْظِةِ "ذَاتِ" كَأَنَّهُ أَقَامَهَا مَقَامَ صِفَةِ الْحَالِ أَوْ الْخَصْلَةِ، كَأَنَّهُ أَرَادَ إِصْلَاحِ الْحَالِ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَأَقَامَ الصِّفَةَ مَقَامَ الْمَوْصُوفِ (٧٤) قِيَاسًا مِنِّى (٧٥).

قَوْلُهُ: "وَحَمُولَة تَحْمِلُهُ" (٧٦) الْحَمُولَة - بِفَتْحِ الْحَاءِ: هِىَ الإِبِلُ الَّتِىِ يُحْمَلُ عَلَيْهَا، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا} (٧٧) فَأَمَّا الحُمُولَةُ - بِضَمِّ الْحَاءِ: فهُوَ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا مِنَ الأَمْتِعَةِ (٧٨).

قَوْلُهُ: "يُنْشِىءُ السَّفَرَ" (٧٩) أَىْ: يَبْتَدِئُهُ مِنْ فَورِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَيُنْشِىءُ السَّحَابَ الثِّقَالَ} (٨٠) أَىْ: يَبْتَدِئُهَا وَيُحْدِثُهَا، وَلَمْ تَكُنْ قَبْلُ مَوْجُودَةً.

قَوْلُهُ: "إِذَا نُقِلَ إِلَى مَسَافَةٍ" (٨١) الْمَسَافَةُ: الْبُعْدُ، وَأَصْلُهَا مِنَ الشَّمِّ، يُقَالُ: سَافَهُ وَاسْتَافَهُ: إِذَا شَمَّهُ (٨٢) وَكَانَ الدَّلِيلُ إِذَا وَقَعَ (٨٣) فِى فَلَاةٍ أَخَذَ التُرَابَ فَشَمَّهُ، لِيَعْلَمَ أَعَلَى قَصْدٍ هُوَ أَمْ عَلَى جَوْرٍ، قَالَ رُؤْبَةُ (٨٤):

*إِذَا الدَّلِيلُ اسْتَافَ أَخْلَاقَ الطُّرُقْ*

وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ، حَتَّى سَمَّوْا الْبُعْدَ مَسَافَةً (٨٥) وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُذْكَرَ فِى بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ.

قَوْلُهُ: "الْخِيَمِ الَّذِينَ يَنْتَجِعُونَ لِطَلَبِ الْمَاءِ وَالْكَلَاءِ" (٨٦) الْخِيَمُ: وَهِىَ: بَيْتٌ تَبْنِيهِ الْعَرَبُ مِنْ عِيدَانِ الشَّجَرِ، وَأَصْلُهُ: مِنْ خَيَّمَ بِالْمَكَانِ: إِذَا أَقَامَ، وَضُرِبَتْ (٨٧) خَيْمَتُهُ لِلإِقَامَةِ (٨٨)، قالَ زُهِيرٌ (٨٩):

. . . . . . . . . . . . ... وَضَعْنَ عِصِىَّ الْحَاضِرِ المُتَخَيِّمِ

وَيَنْتَجِعُونَ (٩٠)، أَىْ: يَرْتَحِلُونَ (٩١) فِى الْكَلَأ وَالْمَرْعَى. وَهِىَ: النُّجْعَةُ بَالضَّمِّ، تَقولُ: انْتَجَعْتُ فُلَانًا إِذَا أَتَيْتَهُ تَطْلُبُ (٩٢) مَعْرُوفَهُ، وَالْمُنْتَجَعُ: بِفَتْحِ الْجِيمِ: الْمَنْزِلُ فِى طَلَبِ الْكَلَأِ، وَهَؤُلاءِ قَوْمٌ نَاجِعَةٌ وَمُنْتَجِعُونَ (٩٣) وَقَدْ نَجَعُوا (يَنْجَعُونَ) (٩٤) فِى مَعْنَى انتجَعُوا [يَنْتَجِعُونَ] (٩٥) عَنْ يَعْقُوبَ (٩٦).


(٧٢) عن الصحاح وقال الجوهرى: فأما فى البعد، فيقال: إن بينهما لبينا لا غير. والبين الوصل أيضا وقرىء: {لَقَدَ تَقَطعَ بَيِنَكُمْ} بالرفع والنصب وانظر ثلاثة كتب فى الأضداد ٥٢، ٢٠٤، ٢٢٥.
(٧٣) ع: المفترقين.
(٧٤) انظر معانى الأخفش ٢/ ٣٧١ ومعانى الزجاج ٢/ ٤٤٢ والكشاف ٢/ ٣ والغريبين ١/ ٢٣٤ والبيان ١/ ٣٨٣.
(٧٥) قياسا منى: ليس فى ع.
(٧٦) فى المهذب ١/ ١٧٣: فى سبيل الله: يعطى ما يستعين به على الغزو من نفقة الطريق وما يشترى به السلاح والفرس إن كان فارسا وما يعطى السائس وحمولة تحمله. وفى خ أو حمولة.
(٧٧) سورة الأنفال آية ١٤٢.
(٧٨) معانى الفراء ١/ ٣٥٩.
(٧٩) فى المهذب ١/ ١٧٣: وسهم لابن السبيل وهو المسافر أو من ينشىء السفر وهو محتاج فى سفره.
(٨٠) سورة الرعد آية ١٢.
(٨١) فى المهذب ١/ ١٧٣: وفى الموضع الذى تنقل إليه طريقان: من أصحابنا من قال: القولان فيه إذا نقل إلى مسافة تقصر فيها الصلاة وفى خ: فإن نقلها.
(٨٢) ع: ساف واستاف: إذا شم.
(٨٣) كذا فى خ وع وفى الصحاح: كان والنقل عنه.
(٨٤) مجموع أشعار العرب ١٠٤ وأنظر الصحاح (سوف).
(٨٥) الصحاح (سوف).
(٨٦) فى المهذب ١/ ١٧٤: وَإن وجبت الزكاة وهو من أهل الْخِيَمِ الذين ينتجعون لطلب الماء والكلأ فإنّه ينظر فيه. . . . إلخ.
(٨٧) ع: ضرب.
(٨٨) عن الصحاح (خيم).
(٨٩) ديوانه ١٣ وصدره: فَلَمَّا وَرَدْنَ الْمَاءَ رُزْقًا جِمَامُهُ ... . . . . . . . . . . . . . .
(٩٠) ع: وقوله ينتجعون.
(٩١) ع: يرحلون.
(٩٢) ع: لطلب.
(٩٣) ع: وناجعون.
(٩٤) خ ينتجعون والمثبت من ع والصحاح والنقل عنه.
(٩٥) من الصحاح (نجع).
(٩٦) عبارة ابن السكيت فى إصلاح المنطق ٣٨٣: هؤلاء قوم ناجعة ومنتجعون، وقد نجعوا فى معنى انتجعوا.