للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ: "وَفِى كُلِّ صَعُودٍ وَهَبُوطٍ" بِفَتْحِ الصَّادِ وَالْهَاءِ وَهُمَا ضِدَّانِ: اسمٌ لِلْمَكَانِ الَّذِى يُصْعَدُ فِيهِ وَيُهْبَطُ مِنْهُ وَهُوَ الْعَقَبَةُ (٣٨)، وَبِالضم: الْمَصْدَرُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} (٣٩) أىْ: مَشَقَّة مِنَ الْعَذَابِ. وَيُقَال: هُوَ جَبَلٌ فِى النَّارِ.

قَوْلُهُ: "إذَا رَأى رَكْبًا" (٤٠) هُمُ الْقَوْمُ الَّذِينَ رَكِبُوا عَلَى الِإبِلِ خَاصَّةً فِى السَّفَرِ (٤١)، وَهُمُ الْعَشَرَةُ فَمَا فَوْقَهَا، وَالرَّكَبَةُ بِالتَّحْرِيكِ: أقَل مِنَ الرَّكْبِ (٤٢).

قَوْلُهُ: "الْعَجُّ وَالثَّجُّ" (٤٣) الْعَجُّ: رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ (٤٤)، وَقَدْ عَجَّ يَعِجُّ عَجِيجًا وَعَجْعَجَ أَىْ: صَوَّتَ، وَمُضَاعَفَتُهُ دَلِيلٌ عَلَى التَّكْرِيرِ (٤٥). وَالثَّجُّ: سَيَلَانُ دِمَاءِ الْهُدَى، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَاءً ثَجَّاجًا} (٤٦) أىْ: سَائِلًا (٤٧)، وَمَطرٌ ثَجَّاج: إِذَا انْصَبَّ جِدًّا (٤٨). وَأتَانَا الْوَادي بِثَجِيجِهِ أىْ: بِسَيْلِهِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمُسْتَحَاضَةِ "إِنَّمَا أثُجُّ ثَجًّا" (٤٩).

قَوْلُهُمْ: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ" (٥٠) قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَى لَبَّيْكَ: أنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِكَ، وَنُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ، مِنْ لَّبَّ بِالْمَكَانِ: إذَا أَقَامَ بِهِ وَلَزِمَهُ. وَيُقَالُ: كَانَ حَقُّهُ أنْ يُقَالَ: لَبَّالَكَ: فَثَنَّى عَلَى التَّأكِيدِ أىْ: إلْبَابًا لَكَ بَعْدَ إلْبَابٍ، وَإِقَامَةً بَعْدَ إِقَامَةٍ (٥١).

وَقَالَ الْخَلِيلُ: هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ: دَارُ فُلَانٍ تُلِبُّ دَارِى، أىْ: تُحَاذِيهَا (٥٢) أَىْ: أنَا مُوَاجِهُكَ بِمَا تُحِبُّ (٥٣) إِجَابَةً لَكَ. وَالْيَاءُ لِلتَّثْنِيَةِ (٥٤) وَقِيلَ: أَصْلُهُ لَبَّبَ (فَاسْثقَلُوا) (٥٥) الْجَمْعُ بَيْنَ ثَلَاثِ يَاءاتٍ، فَأبْدَلُوا مِنَ الأخِيرَةِ يَاءً، كَمَا قَالُوا: تَظَنَّيْتُ، وَأَصْلُهُ: تَظَنَّنْتُ (٥٦). وَفِيهِ أرْبَعَةُ مَعَانٍ: أَحَدُهَا (٥٧): الِإقَامةُ وَاللُّزومُ، كَمَا قَالَ الْفَرَّاءُ (٥٨)، وَالثَّاني: الْمُوَاجَهَةُ، أَىْ: اتِّجَاهِى (٥٩) وَقَصْدِى إِلَيْكَ، كَمَا قَالَ الْخَلِيلُ، وَالثَّالِثُ: إخْلَاصِى لَكَ يَارَبُّ، مِنْ قَوْلِهِمْ: حَسَبٌ لُبَابٌ، أَىْ: خَالِصٌ. وَالرَّابعُ: مَحَبَّتِى لَكَ مِن قَوْلِهِمْ: امْرَأةٌ لَبَّةٌ: إِذَا كَانَتْ مُحِبَّةً لِوَلَدِهَا عَاطِفَةً عَلَيْهِ (٦٠).

وَمَعْنَى "سَعْدَيْكَ" إسْعَادًا بَعْدَ إِسْعَادٍ، مِنَ الْمُسَاعَدَةِ وَالْمُوَافَقَةِ (٦١) عَلَى الشَّيْءِ.


(٣٨) فى إصلاح المنطق ٣٣٤: وهى العقبة الشاقة المصعد.
(٣٩) سورة المدثر آية ١٧ قال ابن قتيبة: أي: عقبة شاقة ونرى أصل هذا كله من الصعود؛ لأنه شاق فكنى به عن المشقات تفسير غريب القرآن ٤٩١، ٤٩٦.
(٤٠) فى المهذب ١/ ٢٠٦: روى جابر (ر) قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبى إذا رأى ركبا أو صعد أكمة أو هبط واديا وفى أدبار المكتوبة وآخر الليل.
(٤١) ابن السكيت: تقول: مر بنا راكب: إذا كان على بعير. والركب: أصحاب الإبل وهو العشرة فما فوقها والأركوب أكثر من الركب والركبة: أقل من الركب والركاب: الإبل. إصلاح المنطق ٣٣٨ وانظر الصحاح عنه (ركب).
(٤٢) انظر التعليق السابق.
(٤٣) فى المهذب ١/ ٢٠٦: قال - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الحج العج والثج".
(٤٤) الصحاح (عجج) والغريبين ١/ ٢٧٥ والنهاية ١/ ٢٠٨ والعين ١/ ٧٧ والمخصص ١/ ١٣٣ والمحكم ١/ ٢٤ وأفعال السرقسطى ١/ ٢٠٧.
(٤٥) الصحاح (عجج).
(٤٦) سورة النبأ آية ١٤.
(٤٧) تفسير غريب القرآن ٥٠٨ والغريبين ١/ ٢٧٤، ومعانى الفراء ٣/ ٢٢٧.
(٤٨) عن الصحاح "ثجج".
(٤٩) الغريبين ١/ ٢٧٥ والنهاية ١/ ٢٠٧.
(٥٠) فى المهذب ١/ ٢٠٦: والتلبية أن يقول: لبيك اللهم لبيك.
(٥١) الفاخر ٤ - ٦ والزاهر ١/ ١٩٧ وغريب الحديث ٣/ ١٥ والفائق ٢/ ١٧٩ والصحاح (لبب- لبى) واللسان (لبب ٣٩٧٩).
(٥٢) غريب الحديث ٣/ ١٥. والفاخر ٤ والصحاح (لبب) واللسان (لبب ٣٩٨٠) والمصباح (لبب).
(٥٣) ع: يجب: تحريف.
(٥٤) عن الصحاح (لبب).
(٥٥) خ: واستثقلوا.
(٥٦) هذا ما نقله أبو عبيد مما يحكى عن الخليل. غريب الحديث. ونقله فى الصحاح، واللسان ونقله المفضل عن الأحمر فى الفاخر وتبعه ابن الأنبارى فى الزاهر. وقول المصنف: وقيل يوم أنه مذهب آخر.
(٥٧) أحدها: ساقط من ع.
(٥٨) تابع فى ذلك الجوهرى فى الصحاح (لبب) وهذا مشهور عن الخليل كما حكى عنه أبو عبيد وغيره وانظر المراجع السابقة.
(٥٩) ع: التجاني: تحريف والمثبت من خ والفاخر ص ٥ والزاهر ١/ ١٩٧. فى حكاية قول آخر كما ذكر فى الفاخر.
(٦٠) المراجع السابقة.
(٦١) ع: المرافقة.