للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِنْ (١) بَابِ الْحَجْرِ

أَصْلُ الْحَجْرِ: الْمَنْعُ وَالْحَصْرُ (٢)، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {حِجْرًا مَحْجُورًا} (٣) أَىْ: حَرَامًا مُحَرَّمًا مَمْنُوعًا (٤). وَ {حِجْرًا مَحْجُورًا} قُرِىءَ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ (٥). وَالْحِجْرُ: الْحَرَامُ، وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {قَسَمٌ لِذِي حِجْر} (٦) أَىْ: لِذِى عَقْلٍ (٧). وَإِنَّمَا سُمِّىَ الْعَقْلُ حِجْرًا؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنْ ارْتِكَابِ مَا لَا يَجُوزُ، وَلِهَذَا سُمِّىَ حِجْرُ الْبَيْتِ حِجْرًا؛ لِأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنَ الطَّوَافِ فِيِهِ. وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّصَرُّفِ فى مَالِهِ، وَحَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، أَىْ: مَنَعَهُ التَّصَرُّفَ. وَقِيلَ لِلْحَرَام (حِجْرٌ) (٨)؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ (٩)، وَهُوَ بِمَعْنَى الْمَحْجُورِ، كَمَا يُقَالُ طِحْنٌ لِلْمَطْحُونِ، وَقِطْفٌ لِلْمَقْطُوفِ.

قَوْلُهُ (١٠): "وَلَا يَتَصَرَّفُ النَّاظِرُ فى مَالِهِ إِلا عَلَى النَّظَرِ وَالاحْتَيَاطِ" (١١) النَّاظِرُ، وَالنَّظَرُ: الْحِفْظُ, وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ النَّظَرِ الَّذِى هُوَ التَّأَمُّلُ وَالتَّفَكُّرُ فى أَمْرِ التَّدْبِيرِ، أَوْ مِنْ التَّحَنُّنِ وَالشَّفَقَةِ، أَحَدِ أَقْسَامِ النَّظَرِ فى عِلْمِ الْأصُولِ.

قَوْلُهُ: "وَالاحْتِيَاطِ": افْتِعَالٌ مِنَ حَاطَهُ يَحُوطُهُ، أَىْ: كَلأَهُ وَرَعَاهُ، وَاحْتَاطَ الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، أَىْ: أخَذَ بِالثِّقَةِ وَالاسْتِظْهَارِ.

قَوْلُهُ: {الْيَتِيمِ} (١٢) الْيُتْمُ فِى بَنِى آدَمَ: فَقْدُ الْأبِ: وَفِى الْبَهَائِمِ: فَقْدُ الأمِّ (١٣). وَقَدْ يَتِمَ الصَّبِىُّ بِالْكَسْرِ يَيْتَمُ يُتْمًا وَيَتْمًا (١٤) وَالْيَتِيمُ الْمُنْفَرِدُ أيْضًا، وَمِنْهُ: الدُّرَّةُ الْيَتِيمَةُ. كَأَنَّهُ أُفْرِدَ عَنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَأَصْلُهُ: الضَّعْفُ، قَالَ (١٥):

وَإِلَّا فَسِيرِى مِثْلَمَا سَارَ رَاكِبٌ ... تَيَمَّمَ خِمْسًا لَيْسَ فِى سَيْرِهِ يَتَمُ

وَالأيِّمُ يَتِيمَةٌ؛ لِانْفِرَادِهَا عَنِ الزَّوْجَ، قَالَ (١٦):

إنَّ الْقُبُورَ تَنْكِحُ الْأياَمَى ... النِّسْوَةَ (١٧) الْأرَامِلَ الْيَتَامَى

قَوْلُهُ: "وَلَا يَبْنِيهِ بِاللَّبِنِ" (١٨) جَمْعُ لَبِنَةٍ مِثْلُ كَلِمَةٍ وَكَلِمٍ، وَيَجُوزُ لَبْنَةٍ وَلِبْنٍ (١٩) بِالإسْكَانِ، مِثْلُ لِبْدَةٍ


(١) ومن: ليس فى ع.
(٢) ع: الخطر.
(٣) سورة الفرقان آية ٢٢.
(٤) مجاز القرآن ٢/ ٧٣ ومعانى الفراء ٢/ ٢٦٦ وتفسير غريب القرآن ٣١٢ وتهذيب اللغة ٤/ ١٣٢، ١٣٣.
(٥) تهذيب اللغة ٤/ ١٣٢، ١٣٣ والصحاح (حجر).
(٦) سورة الفجر آية ٥.
(٧) معانى الفراء ٣/ ٢٦٠ والعمدة ٣٤٦ وتفسير غريب القرآن ٥٢٦.
(٨) خ: حجرا: خطأ.
(٩) منه: ليس فى ع.
(١٠) فى المهذب ١/ ٣٢٨.
(١١) والاحتياط: ليس فى ع.
(١٢) من قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} سورة الأنعام آية ١٥٣.
(١٣) إصلاح المنطق ٣٧٣ والزاهر ١/ ٢٢٧ والصحاح (يتم) واللسان (يتم ٤٩٤٨).
(١٤) المراجع السابقة.
(١٥) عمرو بن شأس كما فى الصحاح يتم واللسان (يتم ٤٩٤٩). واستشهد الجوهرى به على البطء.
(١٦) لم أعثر على قائله بعد.
(١٧) ع: والنسوة.
(١٨) أى -ويتما- ولبن: ساقط من ع.
(١٩) خ: ويبنيه. وفى المهذب ١/ ٣٢٨: ويبنى له العقار بالآجر والطين ولا يبنيه باللبن والجص.