للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

"الْحَمْدُ للهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى، وَصَلَوَاتُه عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ

قَالَ الشَّيْخُ الِإمَامُ الْفَقِيهُ الأوحَدُ بَطَالُ بْنُ أَحْمَدَ، قدَّسَ اللهُ رُوحَهُ (١): (الْحَمْدُ للهِ وَبِهِ أسْتَعِينُ) (٢) الْحَمْدُ للهِ على مَا أَلْهَمَ وَعَلَّمَ، وَبَدَأ بهِ مِنَ الْفَضْلِ وَتَمَّمَ، حَمْدًا نَستدِرُّ بِهِ أَخْلافَ (٣) النَّعَمِ ونَسْتَدرِيءُ بِهِ إتْلاِفَ النِّقَمِ، وَأشْهَدُ أَنُّ لَا إِلَهَ إلَّا اللهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لهُ، شَهَادَةَ مَنْ أوجَدَهُ بَعْدَ عَدَمٍ، وَامْتَزَجَ مِنْهُ الإيمَانُ بِلَحْمٍ وَدَمٍ. وَأشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ الْمَبْعُوثُ مِنْ خَيْرِ الأُمَم، إلَى كَافَّةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ صَلَّى الله عَلَيْهْ وَعَلَى آلِهِ، أهْلِ الجُودِ (٤) وَالْكَرَم، وَسَلَّمَ وشَرَّفَ وَكَرَّمَ.

وَبَعْدُ، فَإِنِّي لَمَّا (٥) رَأيْتُ أَلفَاظًا غَرِيبَة فِي كِتَابِ "المُهَذَبِ" (٦) يُحْتَاجُ إلَى بَيَانِهَا، وَالتفْتِيش عَلَيْها فِي مَظَانِّهَا، إذْ كَانَ اعْتِمَادُ الْكَافَّةِ (٧) عَلَى قِرَاءَتِهِ، وَاعْتِدَادُهُمْ بِدِرَاسَتِهِ، وَوَقَفْتُ عَلَى مُخْتَصَرَاتٍ وَضَعَهَا بَعْضُ مَنْ تَقَدَّمَ (٨). فَرأَيْتُ بَعْضَهُمْ طَوَّلَ، وَعَلَى أَكْثَرِ جُمَلِهَا مَا عَوَّلَ، وَبَعْضَهُمْ تَوَسَّطَ، إِلَّا أَنَّهُ (أخَذَ بَعْضًا، وَتَرَكَ بَعْضًا، وَ) (٩) أخَلَّ بِأَكْثرِ الْمَقْصُودِ (١٠) وَفَرَّطَ، وَبَعْضُهُمْ قَصَّرَ وَمَا بَصَّرَ.

وَلَيْسَ ذَلِكَ طَعْنًا عَليْهِمْ، وَلَا إِنْكَارًا لِلْفَضْلِ المُشَارِ بِهِ إِلَيْهِمْ (١١)، بَلْ هُمُ السَّادَاتُ الْمُبَرَّزُونَ فِي الْفَهْمِ، وَالْأعْلَامُ الشَّامِخَةُ فِي أَعْلَى ذِرْوَةِ العِلْمِ (١٢). لَكِنْ دَعَت الْحَاجَةُ الَى تَتَبُّعِ هَذِهِ الألفَاظِ مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ (١٣)، وَغَرِيبِ الْحَدِيثِ، وَتَفْسِيرِ الْقرْآنِ، وَنَقْلِهَا إِلَى هَذِ الْكرَاريِسِ، لأسْتَذكِرَ بِهَا (مَا غَابَ) (١٤) وَقْتَ (١٥) التَّدْرِيسِ، وَأجلُوَ بِهَا صَدَا الْخَاطِرِ مِنْ عَوَارِضِ التَّلْبِيسِ، وَ (أرْفَعَ بِهَا غَوَاشِيَ) (٩) التَّشْوِيشِ، وَأكْفَأَ بِهَا مُؤْنَةَ (١٦) الطَّلبِ وَالتَّفْتِيشِ، مَعَ تَحَرِّى الإِيجَازِ وَالاخْتِصَارِ، وَحَذْفِ التَّطوِيلِ وَالإكْثَارِ. وَلَيْسَ لِي فِيهِ (١٧) إِلا النَّقْلُ وَالتَّرْتِيبُ، {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (١٨).

فَأوَّلُ ذَلِكَ (١٩):

قَوْلُهُ (٢٠): "الْحَمْدُ لله" الدَّاعِى إلَى الابْتِدَاءِ بِذَلِكَ: قَوْلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كُل كَلَامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ (٢١) اللهِ فَهُوَ أجْذَمُ (٢٢) وَالْحَمْدُ: هُوَ الثَّنَاءُ عَلَى الرجُلِ بِجَمِيلِ أفْعَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ إِلَى


(١) ما بين القوسين من خ.
(٢) ما بين القوسين من ع.
(٣) ع: إكمال.
(٤) ع: أولى الفضل.
(٥) لما: ليس في خ.
(٦) المهذب في فقه الشافعية لأبي إسحاق الشيرازي.
(٧) ع: اعتمادهم.
(٨) ع: وضعها بعض الفضلاء. . . . إلح.
(٩) ما بين القوسين من ع.
(١٠) ع: من المقصود وفرط.
(١١) ع: ولا إنكارا عليهم في المشار به إليهم.
(١٢) ع: الإعلام المهتدى بهم في ذروة العلم.
(١٣) ع: اللسان.
(١٤) ما بين القوسين من ع.
(١٥) ع: عند.
(١٦) ع: واستكين إليها عند. . . .
(١٧) ع: ومالى فيها.
(١٨) سورة هود آية ٨٨.
(١٩) ع: فأقول.
(٢٠) أي الشيرازي في أول المهذب: الحمد لله الذي وفقنا لشكره، وهدانا لذكره، وصلواته على محمد خير خلقه.
(٢١) ع: باسم.
(٢٢) سنن ابن ماجه ١/ ٦١٠. أبي داود ٤/ ٢٦١ وصحيح الترمذي ٣/ ٤٠٥ ومسند الإمام أحمد =