للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْهِمْ} (٨) أَيْ: رَجَعوا عَمّا كانوا عَلَيْهِ مِنَ الْمَعْصِيَةِ إِلى الطاعَةِ وَفِعْلِ الخيْرِ، وَتوْبَةُ اللهِ تَعالى عَلى عِبادِهِ: رُجوعُهُ عن الْغضَبِ إلى الرِّضا، وَقَدْ تكونُ توْبَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ: الرُّجوع مِنَ التَّشْديدِ إِلَى التَّخْفيف، وَمِنَ الحَظْرِ إِلَى الإباحَةِ، كَقَولِه تَعالَى: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} (٩) أَيْ: رَجَعَ بِكُمْ إِلَى التَّخْفيفِ بَعْدَ التَّشْديد. وَقَوْلُهُ تعالى: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} (*) أَيُّ: أَباحَ لَكُمْ مَا حَظَرَ عَلَيْكُمْ.

قَوْلُهُ: "الصَّلْبِ" (١٠) أَصْلُ الصَّلْبِ: سَيَلانُ الصَّليبِ، وَهُوَ: الصَّديدُ وَالْوَدَكُ (١١)، قالَ الشَّاعِرُ (١٢):

جَريمَةَ نَاهِض فِى رَأْسِ نِيقٍ ... تَرى لِعِظام مَا جَمَعَتْ صَليبًا

وَقيلَ لِلْمَقْتولِ الَّذى يُرْبَطُ عَلى خَشَبَةٍ حَتَّى يَسيلَ صَليب: صَليبٌ وَمَصْلُوبٌ، وَسُمِّىَ ذَلِكَ الفِعْلُ صَلْبًا.

قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: "التَّوْبَةُ تَجُبُّ ما قَبْلَهَا" (١٣) أَصْلُ التَّوْبَةِ: الرُّجوعُ، تابَ: إِذَا رَجَعَ. وَالْجَبُّ القَطْعُ وَلِهَذا قِيلَ لِمَقْطوعِ الذَّكَرِ: مَجْبوبٌ.

قَوْلُهُ: "لِلتَّقِيَّةِ" (١٤) إِظهار مَا يُؤَمِّنُهُ مِنَ الخَوْفِ.


(٨) سورة المائدة آية ٣٤.
(٩) سورة المزمل آية ٢٠.
(*) سورة البقرة آية ١٨٧.
(١٠) وإن تاب قبل القدرة عليه سقط عنه ما يختص بالمحاربة وهو انحتام القتل والصلب. المهذب ٢/ ٢٨٥.
(١١) قال الفيومي: ويقال: إن المصلوب مشتق منه. المصباح (صلب).
(١٢) أبو خراش الهذلي ديوان الهذليين ١٢٠٥ والصحاح (صلب).
(١٣) المهذب ٢/ ٢٨٦، والمغيث ١/ ٢٩١، والنهاية ١/ ٢٣٤.
(١٤) في المهذب ٢/ ٢٨٦: لأنه قد يظهر التوبة للتقية فلا يعلم صحتها ٢/ ٢٨٦.