للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهي ها هُنَا من بابِ الاخْتِصاص والمَدْحِ.

ذكر بعضُ النَّحويين أَنَّ الاخْتِصَاص يَجِىءُ بكلمة أَىّ، دُونَ ما سِوَاها، وتَخْتَصّ أَيّتُها الثَّلاثَة بالمُخبِر عن نَفسِه والمُخَاطَب فحَسْب، ويُستَعمل في الأَكْثَر بمَعْشَر مُضافًا، وببنى فلان فتَقول: أمَّا أنَا فأَفعَل كذا أَيُّها الرَّجَل. فقوله: "أيُّها الرَّجل" نِداءٌ واخْتِصاصٌ، صَدَر عن المتكلم لنَفْسه، وقالوا في المُخاطَب: بِكَ اللهَ أرجُو الفَضْلَ. قال الله تَعالَى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} (١) فقوله: "أَهَلَ البَيْت" بعد قَوِله: "عَنْكُم" بمَنْزلة لَفظَة "الله" بعد قوله: بِكَ، فنَصَبه بإضمار فِعلٍ تقِديُرُه: أَخُصُّ أَو أمدَح أو أَدْعُو، كقَولِ القَائِل:

إنّا بَنى مِنْقَرٍ قَومٌ ذَوُو حَسَب ... فِينا سَراةُ بني سَعْد ونادِيها (٢)

: أي نَخُصُّ بَنِي مِنْقَر، وكذلك قَولُ كَعْب: أي نَخُصُّ أَيَّتُها الثَّلاثة، وإن لم يَكُن مَنصوبا.

ومنه قَولُه عليه الصلاة والسلام: "أبو عُبَيْدة أمِينَنا أيَّتُها الأُمَّة".

وقوله: "إنّا مَعْشَر (٣) الأنْبِياء لا نُورَثُ".

وما جاء في قِصَّة اليَهُود: "لو أَنزِلت علينا مَعْشَرَ اليهود، يعني قوله تعالى:


(١) سورة الأحزاب: ٣٣.
(٢) كتاب سيبويه ٢/ ٢٣٣ بتحقيق عبد السلام هارون، والبيت لعمرو بن الأهتم المنقرى. وفيه: السَّراة بالفتح: السادة. واحدهم سَرِىّ، وهو جمع غريب لا يجرى على واحده، والنّادى والنَّدِى: مجلس القوم، أو من النَّدْو وهو التجمع لأنَّ القومَ يَنْدُون حَوالَيه.
(٣) ب، جـ: "معاشر" وكذا في الجامع الكبير للسيوطى.