للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَدُلُّك على اخْتِلاف الأَحوالَ والطَّبائعِ واعتمادِهم في ذلك على الوجدان، كما ذَكَرنَاه في الثَّنِيّ.

- وفي حَديثِ وَرقَةَ بنِ نَوفَل: "يَا لَيْتَنِى فيها جَذَعًا" (١).

: أي شَابًّا، وإنما انتصَبَ على الحَالِ من الضَّمِير الذي في الظَّرفِ، تَقدِيرُه: يا لَيْتَنِى ثَابِتٌ فيها جَذَعًا، أو حيٌّ (٢) فيها جَذعا، كما قَالَ تَعالَى: {أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا} (٣).

ومنهمُ من قال: إنما انْتَصب بإضمار كَانَ فيه، فقيل: إنه غَيرُ مُصِيب في هذا القول؛ لأَنَّ كَانَ النَّاقِصةَ لا تُضْمَر.

وأمَّا قَولُهم: "إنْ خَيراً فَخَيْر" فإنما جَازَ تَقدِيرُه "بِأَنْ كان خَيراً فخَيْرٌ" لأَنّ لَفظَ إن يقتَضِى الفِعل بكَونِه شَرطًا، وأُنشِدَ لدُريدِ ابن الصِّمَّة:

يا لَيْتَنى فيهَا جَذَعْ ... أَخُبُّ فِيهَا وأَضَعْ (٤)

ومن العَربِ مَنْ يُعمِل لَيتَ مَعْمَل ظَنَّ فيقول: لَيتَ زيدًا شاخِصاً، كما تقول: ظنَنتُ زَيدًا شاخِصاً.


(١) أراد ليتني في نبوته شَابٌّ أقوى على نصرته، أو ليتني أدركتها في عصر الشَّبِيبة، حتَّى كُنتُ على الإسلام، لا على النَّصرانِيَّة (الفائق - جذع) ١/ ١٩٩.
(٢) أ: "أي حَيٌّ".
(٣) سورة الحشر: ١٧ {فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا}.
(٤) قاله في يوم هوازن وانظره في شعراء النصرانية ٤/ ٧٧٢ وغريب الحديث للخطابي ٢/ ٤٩٩ واللسان والتاج (وضع) وخزانة الأدب ١١/ ١٢٠.