للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما ثَمَن الكَلْب، ومَهْر البَغِى فإنهما على التَّحريم، لأن الكلبَ نَجس الذَّات مُحرَّم الثَّمَنِ، وفِعلُ الزِّنا مُحرَّم، وبَذْل العِوَض عليه وأَخْذه في التَّحريم مِثْله، لأنه ذَرِيعةٌ إلى التَّوسُّل إليه، والحِجامةُ مُباحَةٌ، وفِيها نَفْعُ وصلاحُ الأَبْدان. وقد يَجمَع الكَلامُ بين القَرائِنِ في اللَّفظ، ويُفرِّق بينَهما في المَعانِى وذلك على حَسَب الأَغراضِ والمَقاصِد فيها.

وقد يكونُ الكَلامُ في الفَصْل الوَاحِد، بعضُه على الوُجوبِ، وبعضُه على النَّدْب، وبَعضُه عل الحَقِيقة، وبَعضُه على المَجاز، وإنما يُعرَف ذلك بدَلَائِل الأُصُول وباعْتِبار مَعانِيها، ونَحْو ذلك الحَدِيث فيما يُغْتَسل منه.

- في حديث أَبِى هُرَيْرة: "نَهَى عن الدَّواء الخَبِيث" (١).

وذلك من وَجْهَيْن: أحدهما: خُبثُ النَّجاسَة، كما فيه الخَمْر والبَوْل ونَحوُهما وذلك مُحرَّم، إلا ما خَصَّتْه السُّنَّة من أَبْوال الإِبِل. فرخَّص فيها لَنَفَر من عُكْل، وسَبِيل السُّنَن أن يُقَرّ كُلُّ شىء في مَوضِعه، ولا يُضرَب بَعضُه بِبعْض. وقدَ يكون خُبثُه من جهة الطَّعم والمَذَاق، ولا يُنْكَر أن يكون كَرِهَه لِمَا فيه من المَشَقَّة وتَكرُّهِ النَّفْسِ إيّاه. والغَالِبُ أَنَّ طُعومَ الأَدْوية كَرِيهَةٌ ولكن بعضَها أَقلُّ كراهةً وأَيسرُ احْتِمالا.

- في حديث الحَسَن: "خَباثِ كُلَّ عِيدَانِك مَضَضْنا" (٢).


(١) في ن: "أَنّه نهى عن كل دَواءٍ خَبِيث".
(٢) ن: وفي حديث الحسن يخاطب الدنيا: "خَباثِ، كُلّ عِيدَانك مَضَضْنَا فوجَدْنا عاقِبَته مُرًّا" وانظره في الفائق (خبث) ١/ ٣٥٣.
وجاء في الشرح: المَضُّ مثل المَصِّ، يريد: إنا جَرَّبناكِ وخبرناك فوجدنا عاقبتك مُرَّة.