للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تبارك وتعالى: {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} (١) ويَتَّصِل بالفَخِذ ويُسمّى: عِرق النَّسَا، ويَتَّصل بالسَّاق ويُسَمَّى الذي في السَّاق منه: الصَّافِن، وإذا انقَطَع من أَىِّ مكان كان مَاتَ صاحِبُه، فلِهذَا قال - صلى الله عليه وسلم -: "هذا أَوانُ (٢) انقِطَاع أَبهَرى": أىْ هذا أَوانُ مَوتِى، وعلى هذا توافَقَت الأَقوالُ كلّها في الأَبْهر ٣).

(أبا) - في الحديث: "لا أبا لَك"

قال المُؤَرِّج: هو مَدح: أي لَا كافِىَ لك ولا مُجْزِى، قال: وقولهم: "لا أُمَّ لك" ذَمٌّ: أَىْ أنتَ لَقِيط لا تُعرَف أُمُّك، وقيل: "لا أَبَا لكَ" تُذكَر مَدْحاً: أي لا كَافِىَ لك غيرُ نفسِك، وقال: وقد تُذكَر ذَمًّا: أي لا يُعرفُ أَبوك.

قال الجَبَّان: وقد تُوردُ هذه اللَّفظةُ استِدفَاعًا للعَيْن كقولهم: "قاتَلَه الله" ويقال أيضاً: "لا أَباكَ" في مَعْنى "لا أبَا لَك، ولا بَاكَ" أيضا من غَيْر هَمْز، وقيل معنى "لا أَبا لَك": أي جِدَّ في أمرك وشَمِّر، فإنّ مَنْ له أبٌ ربَّما يتَّكلُ عليه لِيَكْفِيَه بعضَ الأمور، ومن لا أَبَ له يَتولَّى الأُمورَ بنَفْسِه، فيَحْتاج إلى زيادةِ عنايةٍ فيه ونَصَبٍ، وللأب مَحضُ شَفَقة، فإذا حَزَبه أمرٌ تَقاضَت شَفَقَتُه


(١) سورة الحاقة: ٤٦.
(٢) في ن: يجوز في "أوان" الضم والفتح، فالضم لأنه خبر المبتدأ، والفَتْح على البناء لإضافته إلى مبنى، كقوله:
على حين عاتَبتُ المَشِيبَ على الصِّبا ... وقُلتُ أَلمَّا تَصْحُ والشَّيبُ وازِعُ