للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- ومنه الحدِيثُ (١) الآخر: "لا يَسْتَرقُونَ ولا يَكْتَوُون، وعلى رَبِّهم يتَوكَّلُون"

قد وَردَت كراهيَةُ (٢) الرُّقَى في أَحادِيث، ووجه الجَمْعِ بين الأَحادِيث ما قاله ابنُ قُتَيْبَة: إن الرُّقَى يُكرَه منها ما كان بغَيْر اللسان العَرَبىِّ وبغَيْر أسماء اللهِ تَعالَى، وذِكرِه وكَلامِه في كُتُبهِ، وأن يُعتَقَد أَنَّها نافعةٌ لا محَالَة، وإِيَّاها أَرأدَ بَقوله عليه الصلاة والسلام: "ما تَوكَّل من استَرْقَى".

ولا يُكرَه ما كان من التَّعَوُّذِ بالقُرآن وبِأَسماءِ الله تَبارك وتَعالَى؛ ولذلك قال لرجُلٍ من صَحابَتِهِ: رَقَى بالقُرآن وأَخذَ على ذلك أَجرا: "مَنْ أَخَذ برُقْية باطِلٍ، فقد أَخذْتَ برُقْية حقًّ".

ويَدُلُّ على صِحَّة قول القُتَبِى حَدِيثُ جابِرٍ، رضي الله عنه في الرُّقْية قال: "اعْرِضُوها عَلىَّ، فعرَضْنَاها فقال: لا بَأسَ بها، إنَّما هي مَواثِيقُ" (٣).

كأَنَّه خَافَ من أَنْ يَقَع فيها شَىءٌ مِمَّا كانوا يَتَلفَّظُون به ويَعتَقِدونه من الشِّرك في الجاهلية، وما كان بغَيْر اللِّسان العَرَبىّ، فلا يُدرَى ما هو أَصلاً.

- وأما قَولُه عليه الصَّلاة والسَّلام: "لا رُقْيَةَ إلا من عَيْنٍ أو حُمَة".

فقد قال الخطابى: أي لا رُقيةَ أَولَى وأَنفَع، وهذا كما قِيلَ: "لا فَتَى إلَّا عَلِىٌّ، ولا سَيفَ إلا ذُو الفَقَار".


(١) ن: ومن النهى قوله: "لا يسترقون .. " أي من النهى عن الرقية.
(٢) ب، جـ: "كراهة الرقى".
(٣) ب: مواسى (تحريف) وباقى النسخ موافق للأصل.