للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٩٢ - أبو عبد الله، محمدُ بنُ أبي نصر، فتوح بنِ عبدِ الله بنِ حُميد بن يصل، الأزديُّ، الحميديُّ، الأندلسي الميورقيُّ، الحافظ المشهور.

أصله من قرطبة من ربض الرصافة، وهو من أهل جزيرة ميورقة، روى عن أبي محمد علي بن حزم الظاهري - المقدم ذكره -، واختص به، ولازمه، وأكثر من الأخذ عنه، وقرأ عليه، وشهر بصحبته، وصار على مذهبه، إلا أنه لم يكن يتظاهر به، وسمع عن أبي عمر يوسف بن عبد البر صاحب كتاب "الاستيعاب"، وعن غيرهما من الأئمة، ورحل إلى المشرق سنة ٤٤٨، فحج، وسمع بمكة - حرسها الله تعالى -، وبإفريقية، وبأندلس، ومصر والشام والعراق، واستوطن بغداد.

وكان موصوفًا بالنباهة والمعرفة والإتقان والدين والورع، وكانت له نغمة حسنة في قراءة الحديث، وذكره الأمير أبو نصر علي بن ماكولا صاحبُ كتاب "الإكمال" المقدم ذكرُه، فقال: أخبرنا صديقنا أبو عبد الله الحميدي، وهو من أهل العلم والفضل والتيقظ، وقال: لم أر مثله في عفته ونزاهته وورعه وتشاغله بالعلم.

ولأبي عبد الله المذكور كتابُ "الجمع بين الصحيحين" - البخاري ومسلم -، وهو مشهور، وأخذه الناس عنه، وله أيضًا: تاريخ علماء الأندلس، سماه: "جذوة المقتبس" في مجلد واحد، - ذكر في خطبته: أنه كتبه من حفظه، وقد طلب ذلك منه ببغداد.

وكان يقول: ثلاثة أشياء من علوم الحديث يجب تقديم التهمم بها: ١ - كتاب العلل، وأحسن كتاب وضع فيه: كتاب الدارقطني، ٢ - وكتاب المؤتلف والمختلف، -وأحسن كتاب وضع فيه: كتاب الأمير أبي نصر بن ماكولا، ٣ - وكتاب وفيات الشيوخ، وليس فيه كتاب. وقد كنت أردت أن أجمع في ذلك كتابًا، فقال لي الأمير: رتبه على حروف المعجم، بعد أن رتبته على السنين، قال أبو بكر بن طرخان: فشغله عنه "الصحيحان" إلى أن مات، وقال ابن طرخان المذكور: أنشدنا الحميدي لنفسه:

<<  <   >  >>