للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أكثر الناس غير مسلم؛ فإنه لم يتخلف عن زيارته، فأُنهي إلى محمد بن يحيى أن مسلم بن الحجاج على مذهبه قديمًا وحديثًا، وأنه عوتب على ذلك بالحجاز والعراق، ولم يرجع عنه، فلما كان يوم مجلس محمد بن يحيى، قال في آخر مجلسه - إلا من قال - باللفظ: فلا يحل أن يحضر مجلسنا.

فأخذ مسلم الرداء فوق عمامته، وقام على رؤوس الناس، وخرج من مجلسه، وجمع كلَّ ما كتب منه، وبعث به على ظهر حَمَّال إلى باب محمد بن يحيى، فاستحكمت بذلك الوحشة، وتخلف عنه وعن زيارته.

وتوفي مسلمٌ المذكور عشيةَ يوم الأحد، ودُفن بنصر آباد ظاهرَ نيسابور يوم الاثنين لخمس، وقيل: لست بقين من شهر رجب الفرد سنة ٢٦١ بنيسابور، وعمره خمس وخمسون سنة، هكذا وجدته في بعض الكتب، ولم أر أحدًا من الحفاظ ضبط مولده، ولا تقدير عمره، وأَجمعوا على أنه ولد بعد المئتين.

قال ابن خلكان: وكان شيخنا تقي الدين أبو عمرو عثمان المعروف بابن الصلاح يذكر مولده، وغالب ظني أنه قال: سنة ٢٠٢، ثم كشفت ما قاله ابن الصلاح، فإذا هو في سنة ٢٠٦، نقل ذلك من كتاب "علماء الأمصار" تصنيف الحاكم أبي عبد الله بن البيع النيسابوري الحافظ.

ووقفت على الكتاب الذي نقل منه، وملكت النسخة التي نقل منها أيضًا، وكانت ملكه، وبيعت في تركته، ووصلتْ إليَّ وملكتُها، وصورة ما قاله: إن مسلم بن الحجاج توفي بنيسابور لخمس بقين من شهر رجب الفرد سنة ٢٦١، وهو ابن خمس وخمسين سنة، فتكون ولادته في سنة ٢٠٦، والله أعلم.

وأما محمد بن يحيى المذكور، فهو أبو عبد الله محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد ابن فارس بن ذؤيب الذهلي النيسابوري، وكان أحد الحفاظ الأعيان، روى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه القزويني، وكان ثقة مأمونًا، وكان سبب الوحشة بينه وبين البخاري: أنه لما دخل البخاري مدينة نيسابور، شغب عليه محمد بن يحيى في مسألة خلق اللفظ، وكان قد سمع منه، فلم يمكنه تركُ الرواية عنه، وروى عنه في الصوم،

<<  <   >  >>