للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمري في لهو ولعب. تفرَّد في الدنيا بعلوَّ الإسناد، ورحل إليه المحدِّثون من البلاد.

قال ابن الجوزي: وقع في أيدي الروم، فبقي في أسرهم سنة ونصفًا، وقيدوه، وجعلوا الغُلَّ في عنقه، والسلاسلَ على يديه ورجليه، وأرادوا منه أن ينطق بكلمة الكفر - يعني: المسيح ابن الله -، فلم يفعل، قال: وسمعته يقول: يجب على المعلم ألا يعنف، وعلى المتعلم ألا يأنف، ومن خدم المحابر، خدمتْه المنابر، وذكر أن منجمين حضرا حين ولد، فأجمعا أن عمره اثنتان وخمسون سنة، وها أنا قد جاوزت التسعين، توفي سنة ٥٣٥. أطال ابن رجب في ترجمته - رحمه الله تعالى -.

١٩٣ - موهوب بن أحمد بنِ محمد، يعرف بابن الجواليقي.

شيخ أهل اللغة في عصره، ولد سنة ٤٦٥.

سمع الحديث الكثير، وقرأ الأدب، ودرَّس، وكان من أهل السنة المحامين عليها.

قال ابن الجوزي: كان غزيرَ العقل، طويلَ الصمت، لا يقول الشيء إلا بعد التحقيق والفكر الطويل، وكثيرًا ما كان يقول: لا أدري، سمعتُ منه كثيرًا من الأحاديث وغريبه، وقرأت عليه كتابه "المغرب"، وله كتاب "أدب الكاتب".

وكان يصلي بالمقتفي بالله فدخل عليه، وهو أول من دخل، فما زاد على أن قال: السلام على أمير المؤمنين، فقال له ابن التلميذ النصراني - وكان قائمًا، وله إدلال الخدمة والطب -: ما هكذا يُسلَّم على أمير المؤمنين يا شيخ، فلم يلتفت إليه، وقال: يا أمير المؤمنين! سلامي هو ما جاءت به السنة النبوية - وروى الحديث -، ثم قال: يا أمير المؤمنين! لو حلف حالف أن نصرانيًا أو يهوديًا لم يصل إلى قلبه نوع من أنواع العلم على الوجه، ما لزمته كفارة؛ لأن الله ختم على قلوبهم، ولن يفك ختمَ الله إلا الإيمان، فقال: صدقت وأحسنت، وكأنما ألجم ابن التلميذ بحجر، مع فضله وغزارة أدبه، رح.

<<  <   >  >>