للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقيت من ربك؟ قال: كل خير جميل. رآه آخر، فقال له: جاء إليَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقضى لي كل حاجة، وفي حديث عبادة بن الصامت: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "رؤيا المؤمن جزءٌ من ستة وأربعين جزءًا من النبوة" رواه مسلم، وأبو داود الطيالسي، ورواه ابن رجب بسنده عن المترجَم له.

٢٣٢ - إبراهيم بن عبد الواحد أخو الحافظ عبد الغني الجماعيلي.

ولد سنة ٥٤٣. وكان يقول: أخي عبد الغني أكبر مني بسنتين، برع وناظر وأفتى، وأقبل على نفع الناس، كان داعية إلى السنة وتعليم القرآن والدين، وكان يُقرىء الضعفاء القرآن، ويطعمهم، وكان من أكثر الناس تواضعًا، واحتقارًا لنفسه، وخوفًا من الله تعالى.

وما أعلم أنني رأيت أحدًا أشدَّ خوفًا منه، وكان كثير الدعاء، ويطيل الركوع والسجود، ويقصد أن يقتدي بصلاة رسول - صلى الله عليه وسلم -، ونقلت له كرامات كثيرة، ولقد صحبه جماعة من أنواع المذاهب، فرجعوا عن مذاهبهم لما شاهدوا منه، وكان لا يكاد يفتر عن الأشتغال إما بالقرآن أو بالحديث، وما أعلم أنه أدخل نفسه في شيء من أمر الدنيا، ولا تعرض له، ولا نافس فيها.

وكان كثير الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وكان داعية إلى اتباع السنة.

ذكر له ابن رجب ترجمة حسنة طويلة مشتملة على سيره الجميلة. وذكره أبو المظفر سبطُ ابن الجوزي في "تاريخه"، وأثنى عليه ثناء كثيرًا، وقال: ما تحرك حركة ولا مشى خطوة ولا تكلم بكلمة إلا لله، وكان يحضر مجالسي، ويقول: صلاح الدين يوسف فتح الساحل، وأظهر الإسلام، أنت يوسف أحييت السنة بالشام - يشير إلى كلام جده في إمرار الصفات على ظاهرها، وإثباتها على ما جاءت. توفي سنة ٦١٤، ولما جاءه الموت، جعل يقول: يا حيُّ يا قيوم! قال الضياء: ما رأيت جنازة قط أكثرَ خلقًا منها. وقال سبط ابن الجوزي: وكان يومًا لم يُر في الإسلام مثله، ولما كان الليل، نمت - وأنا متفكر في جنازته -، وذكرت أبياتِ سفيان الثوري التي أنشدها في المنام:

<<  <   >  >>