للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاستيقظ، فقال لي: رأيت الساعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فطلبت منه العلم، فأطعمني تمرات، قال: ومن ذلك الوقت فتح الله عليه، وتكلم، له كتاب "الناسخ والمنسوخ"، وكلامه فيه يدل على تحقيقه وعلمه ومن نظمه قوله:

دَعْ عنكَ ذكرَ فلانةٍ وفُلانِ ... واجتنبْ ما يُلهي عن الرحمانِ

واعلمْ بأنَّ الموتَ يأتي بغتةً ... وجميعُ ما فوق البسيطةِ فانِ

فإلى متى تلهو وقلبُك غافلٌ ... عن ذكرِ يومِ الحشرِ والميزانِ

أتراك لم تكُ سامعًا ما قد أتى ... في النصِّ للآياتِ والقرآنِ

فانظرْ بعينِ الإعتبارِ ولا تكنْ ... ذا غفلةٍ من طاعةِ الدَّيَّانِ

واقصدْ لمذهبِ أحمدِ بنِ محمدٍ ... أعني: ابنَ حنبلٍ الفتى الشيباني

فهو الإمامُ مقيمُ دينِ المصطفى ... من بعدِ درسِ معالم الإيمانِ

أَحيا الهدى وأقام في إحيائه ... متجردًا للضرب غيرَ جبانِ

كنْ حنبليًا ما حييتَ، فإنني ... أُوصيك خيرَ وصيةِ الإخوانِ

ولقد نصحتُكَ إن قبلتَ، فأحمدٌ ... زينُ التقاة وسيدُ الفِتيانِ

من ذا أقامَ كما أقامَ إمامُنا ... متجردًا من غيرِ ما أَعْوان

مستعذِبًا للمُرِّ في نصرِ الهُدى ... متجرِّعًا لِمَضاضَةِ السلطانِ

وسَخا بمهجتهِ وبايعَ ربَّهُ ... أَن لا يطيعَ أئمَّةَ العُدوانِ

فعلى ابنِ حنبل السلامُ وصحبِه ... ما ناحَتِ الوَرْقاء في الأغصانِ

إني لأرجو أن أفوزَ بحبِّه ... وأنالَ في بعثي رِضا الرَّحمنِ

حَمدًا لربي إذْ هداني دينَه ... وعلى شريعةِ أحمدٍ أنشاني

واختارَ مذهبَ أحمدٍ في مذهَبًا ... ومن الهوى والغَيِّ قد نجاني

من ذا يقومُ من العبادِ بشكرِ ما ... أوَلاه سيدُه من الإِحسانِ

توفي سنة ٦٥٦، وله ثلاث وثلاثون سنة، قال ابن رجب: وقرأت على بعض شيوخنا ببغداد: أنه توفي سنة ٦٥٠ الهجرية.

<<  <   >  >>