للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشوكاني: هو الإمام الكبير، المجتهدُ المطلَقُ المعروف بابن الوزير، ولد في شهر رجب سنة ٧٧٥. وقال السخاوي: إنه ولد تقريبًا سنة ٧٦٥، وهذا التقريب بعيد، والصواب الأول. تبحَّر في جميع العلوم، وفاقَ الأقران، واشتُهر صيتُه، وبَعُدَ ذكرُه، وطار علمُه في الأقطار. قال صاحب "مطالع البدور": ترجم له ابن حجر العسقلاني في "الدرر الكامنة"، انتهى. وهذا لا أصل له؛ فإنه لم يترجم له فيها أصلاً، بل ترجم له في "أنباء الغمر"، وترجم له التقي بن فهد في "معجمه"، وصنف في الردِّ على الزيدية: "العواصم والقواصم"، واختصره في "الروض الباسم"، وأنشد له في معجمه:

العلمُ ميراثُ النبيِّ كذا أَتَى ... في النَّصَّ، والعلماء هم وُرَّاثُهُ

فإذا أردتَ حقيقةً تدري بها ... وُرَّاثَه وعرفْتَ ما ميراثُهُ

ما وَرَّثَ المختارُ غيرَ حديثِهِ ... فينا وذاكَ متاعُهُ وأَثاثُهُ

قلنا: الحديثُ وراثةٌ نبويَّةٌ ... ولِكُلِّ مُحْدِثِ بدعةٍ إحداثُهُ

وذكره ابن حجر في "أنباء الغمر" في ترجمة أخيه الهادي، فقال: وله أخ يقال له: محمد، مقبلٌ على الاشتغال بالحديث، شديدُ الميل إلى السنة، بخلاف أهل بيته، انتهى. ولو لقيه الحافظ ابن حجر بعد أن تبحر في العلوم، لأطال عنانَ قلمه في الثناء عليه، وكذلك السخاويُّ لو وقف على "العواصم والقواصم"، لرأى فيها ما يملأ عينه وقلبه، ولكن لعله بلغه الاسمُ دون المسمى. ولا ريب أن علماء الطوائف لا يُكثرون العناية بأهل هذه الديار؛ لاعتقادهم في الزيدية ما لا مقتضى له إلا مجرد التقليد لمن لم يطلع على الأحوال؛ فإن في ديار الزيدية من أئمة الكتاب والسنة عددًا يجاوز الوصف، يتقيدون بالعمل بنصوص الأدلة، ويعتمدون على ما صح في الأمهات الستة الحديثية، وما يلتحق بها من دواوين الإسلام، المشتملةِ على سنة سيد الأنام، ولا يرفعون إلى التقليد رأسًا، ولا يشوبون دينَهم بشيء من البدع التي لا يخلو أهلُ مذهب من المذاهب من شيء منها، بل هم على نمط السلف الصالح في العمل بما يدل عليه كتاب الله، وما صح من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مع كثرة اشتغالهم بالعلوم التي هي آلاتُ عِلم

<<  <   >  >>