للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤٥٣ - السيد قاسم بن أحمد بن عبد الله.

من نسل الإمام المهدي، ولد سنة ١١٦٦. عالم عارف شاعر أديب فقيه، حرر له في البدر الطالع ترجمة حسنة، وقال: قد استمر الاتصال بيني وبينه زيادة على خمس عشرة سنة، قلَّ أن يمضي يوم من الأيام لا نجتمع فيه، ثم ذكر بعض المطارحات الأدبية التي جرت معه، وذكر أبياته وأشعاره، وفي تلك الأبيات حطَّ على الصوفية، قال: فأجبته برسالة، وقد أوضحت في تلك الرسالة حال كل واحد من هؤلاء، وأوردت نصوص كتبهم، وبينت أقوال العلماء في شأنهم، وكان تحرير هذا الجواب في عنفوان الشباب، وأنا الآن أتوقف في حال هؤلاء، وأتبرأ من كل ما كان من أقوالهم مخالفًا لهذه الشريعة البيضاء الواضحة التي ليلُها كنهارها، ولم يتعبدني الله بتكفير من صار في ظاهر أمره من أهل الإسلام، وهَبْ أن المراد بما في كتبهم، وما نُقل عنهم من الكلمات المستنكرة المعنى الظاهر المدلول العربي، وأنه قاض على قائله بالكفر البواح، والضلال الصراح، فمن أين لنا أن قائله لم يتب عنه؟ ونحن لو كنا في عصره، بل في مصره الذي يعالج فيه سكرات الموت، لم يكن لنا إلى القطع بعدم التوبة سبيل؛ لأنها تقع من العبد بمجرد عقد القلب ما لم يغرغر بالموت، فكيف وبيننا وبينهم من السنين عدة مئين؟ ولا يصح الاعتراض على هذا بالكفار، فيقال: هذا التجويز ممكن في الكفار على اختلاف أنواعهم؛ لأنا نقول: فرقٌ بين مَنْ أصله الإسلام، ومن أصلُه الكفر؛ فإن الحمل على الأصل مع اللبس هو الواجب، لا سيما والخروج من الكفر إلى الإسلام لا يكون إلا بأقوال وأفعال، لا بمجرد عقد القلب والتوجه بالنية المشتملة على الندم والعزم على عدم المعاودة، فإن ذلك يكفي في التوبة، ولا يكفي في مصير الكافر مسلمًا، وأيضًا فرق بين كفر التأويل، وكفر التصريح، على أني لا أثبت كفرًا لتأويل كما حققته في غير هذا الموطن، وفي هذه الإشارة كفاية لمن له هداية، وفي ذنوبنا التي قد أثقلت ظهورنا لقلوبنا أعظم شغلة، وطوبى لمن شغلته عيوبه عن عيوب غيره، و"من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، فالراحلة التي قد حملت ما لا تكاد تنوء به إذا وضع عليها زيادة عليه،

<<  <   >  >>