للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان بينه وبين السيد سليمان صداقةٌ أكيدة، قلَّ أن يمضيَ يوم أو ليلة لا يجتمعان فيهما، وإذا اجتمعا، لم تسمع إلا نخبَ اللطائف:

همْ أناسٌ حديثُهم ... يُعْجِبُ الكُتْبَ والسِّيَرْ

وإذا ما تَفاوَضوا ... فهمُ الزهرُ والزهَرْ

وكثيرًا ما يكون اجتماعُهما عقبَ صلاة العصر، ويحضر في ذلك المجلس الأفاضل، وتجري مذاكرات شريفة، ومباحث، وكان - رحمه الله تعالى - ذا ملكة على حل المشكلات لطيفة:

وللهِ قومٌ كَلَّما كانَ مشهدٌ ... رأيتَ شُخوصًا كلّها مُلئت فَهْما

إذا اجتمعوا جاؤوا بكلِّ غريبةٍ ... ويزدادُ بعضُ القومِ من بعضِهم عِلْما

٥٢٥ - عبد الرحمن بن محمد المشرع.

كان صدرَ العلماء الأعلام، والرؤساء الكرام الفخام، ذو الفضل المحقق، والكرم المطلق، وجيه الإسلام - رحمه الله -، وأعاد إلينا من بركاته:

كريمٌ لهُ من نفسِه بعضُ نفسِهِ ... وسائرُهُ للمجدِ والشكرِ والفضلِ

أخذ عن أحمدَ بنِ محمد شريف، وأجازه، وأخذ عن مشايخ ذلك الوقت في علوم عديدة، توفي سنة ١٢٩٠ بقريته ومسقط رأسه، وبين أناسه، بعد أن توعك أشهرًا عديدة بالإسهال، فحصل لموته الحزنُ العظيم، وأسف عليه كافةُ الناس من الخاصة والعامة، وعمت المصيبة، شعر:

والسعيدُ السعيدُ مَنْ صحبَ الناسَ ... وولَّى والذكرُ فيهِ حميدُ

ذكر له العلامة محمد بن عبد اللطيف المشرع ترجمة، وقال: هذه ترجمته على وجه الإجمال والاختصار، ولو بسط الكلام، لدخل في أسفار، قال: وكان آخذًا بأطراف صالحة من فنون كثيرة؛ من حديث، ورقائق، وفقه، وله الاطلاعات الوافرة على كتب العلوم على تنوعها، والحفظ البارع، ولما قدر الله وصوله إلى الحرمين الشريفين، أخذ عن جماعة من علمائمها، منهم: الشيخ

<<  <   >  >>