للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحديث، ويقع حينئذٍ الإصغاءُ للسَّماع، ولا يتكلَّم إلا في النَّادر، وإن تكلَّم أحدٌ، أنصت القارىءُ إن لم يسكت المتكلِّمُ، ويكون مجموعُ الحصتين أكثر مِنْ ساعتين، فإذا انتهى المجلسُ قام بإثره غالبًا، ودخل إلى منزله.

فإن كان قاضيًا ركب في ثلاثة أيام أو يومين مِنَ الأسبوع إلى مجلس الحديث بالقلعة بعد صلاة الظهر، ويرجع بعد أذان العصر.

وفي يوم الثلاثاء يركبُ مِنْ بيته عَقِبَ الشمس بساعة إلى الإملاء، فإذا فرغ، دخل إلى زوجته الحلبية. وكان مسكنها بالبيبرسية، ثم نقلها بأخَرَة إلى غيرها، فيقيم عندها إلى أن يحضُر الخانقاه، ثم يرجع إلى بيته قريب الغُروب.

وفي يوم الأربعاء غالبًا يحضُرُ أوَّل النهار جامع طُولون، ثم يرجعُ إلى المحمودية، فيقيم بها إلى قريب العصر يطالع ويصنِّفُ ويُقْرأ عليه، ثم يجيء (١) إلى المؤيَّديَّة.

وفي يوم الجمعة -إن كان قاضيًا- ركب قبل الأذان بساعةٍ وثلثِ ساعةٍ أو أكثر قليلًا فيخطُب بالسُّلطان، ثم يرجِعُ إلى بيت الحلبيَّة، لا يصِلُ إليها غالبًا في أكثر مِنْ هذين اليومين، وإن لم يكن قاضيًا، فإن كان يتولَّى الخطابة (٢) بنفسه في جامع عمرو بن العاص رضي اللَّه عنه، توجَّه قبل الوقت بساعتي رَمْلٍ، وإلَّا توجَّه لجامع الحاكم بنحو مِنْ ساعةٍ، ويكونُ في الغالب إذا قصد جامع الحاكم ماشيًا ومعهُ مِنَ النَّاس جمعٌ وافرٌ، ثم يركبُ مِنْ طريقٍ أخرى إلى أهله، وكان المتولي لإعلامه غالبًا بدخول وقت تأهُّبهِ يوم الجمعة الشَّيخ شرف الدين بن الخشَّاب، خدمةً له.

وفي أيام النيل ينتقل إلى بيته بالقرب مِنْ جامع المقسِّي عند قنطرة باب البحر، ويهرع الطَّلبةُ وغيرهم له إلى هناك مُشاةً وركبانًا بحسب مراتبهم، ولا ينفكُّ عن شهود الصبح والعصر والعشاء في جامع المقسِّي، ويعتمد في اللَّيل على عُكَّازٍ.


(١) في (ب، ط): "يرجع".
(٢) في (أ): "الحكاية"، تحريف.