للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأخرى تحت وسطه، فأدخله إلى ذلك المكان المحجَّر مِنْ تلك الطاق مِنْ جهة رجلي النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، والمكالمة مع ذلك بينهما مستمرَّة، حتى انتبهتُ وقت التَّسبيح وهما على ذلك. انتهى.

وقد أسلفتُ في الباب الرابع أنَّه رُؤيَ النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في مجلس إملائه (١).

وكذا رُؤيَ -صلى اللَّه عليه وسلم- في مجلس أسماعه؛ فمن ذلك: أنَّ أمَّ محمد فاطمة ابنة محمد بن محمد زوج الحاج محمد النجار، عرف بالعاقل، كانت جالسةً بالإيوان الجنُوبي مِنَ المدرسة المنكوتمرية للسّماع على صاحبُ التَّرجمة في "المعجم الأوسط" للطبراني، فحصلت لها في حالة السَّماع إغفاءة، فرأت عن يمين الكرسيِّ الذي كان يجلس عليه القارىء حلقةً لطيفةً، فيها شخصٌ مرتدي بكساءٍ أو غيره أبيض لامع البياض، وقد سطع نور الرجل (٢) حتى غلب على نورُ الشمعة (٣). قالت: فتطاولتُ لأنظره، وقلت: ما هذا؟ فقيل: أما تعلمين؟! هذا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، جاء يحضرُ حديثَه. قالت: فأردتُ أن أضجَّ بالصَّلاة عليه، وإذا صياحُ السَّامعين قد ارتفع بالصَّلاة عليه والسَّلام، فانتبهتُ على ضجَّتهم: "صلى اللَّه عليه وسلم"، وحدَّثَتْ بهذه الرؤية في ليلة الإثنين غُرَّة رجب سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة، وكتبها عنها صاحبُنا النَّجم ابن فهد الهاشمي وغيره مِنْ أصحابنا، وممَّن سمعها الشمس السُّنباطي.

وبلغني عن بعض المنسُوبين إلى الخير أنَّه في السَّنة التي ماتَ فيها صاحبُ التَّرجمة كان بالحجاز، وأنَّه بعد الزِّيارة -وكان ذلك قُبيل موت صاحبُ التَّرجمة بأيام- رأى في منامه كأنه في المدينة النبوية، وباب الحجرة الشَّريفة مغلوقٌ، والنَّاس قيام ينتظرون فتحَه، وقد ازدحموا، وطال وقوفهم


(١) مسألة رؤية النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد وفاته مما انتشر بين المتصوفة، ولا يصح ذلك، فما أُثِرَ عن الصحابة رضوان اللَّه علبهم، وهم كانوا أشد شوقًا إلى رؤيته -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنهم رأوه أو أنَّه عليه السلام زارهم أو أتاهم في مجالسهم، والحجب مِنْ المصنف رحمه اللَّه كيف يأتي بهذه الحكايات التي لا تصح ولا تتفق مع العقيدة الصحيحة.
(٢) في (ب، ط): "سطع نوره".
(٣) في (أ): "الشمس".