للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصلى بالنَّاس على جاري العادة في رمضان سنة ست وعشرين وثماني مائة بالخانقاه الرُّكنيَّة البَيْبَرسية، وحضر الأعيان، وكتب قاضي القضاة العلاءُ ابن المغلي لصاحب التَّرجمة حينئذٍ ما سلف في الباب الخامس في فصل المطارحات. وأسمعه الحديثَ على الواسطي والفخر الدَّنديلي وجماعة.

وأجاز له باستدعاءِ والدَه في سنة مولده فما بعدها خلقٌ مِنْ كبار المسندين, ذكر الكثيرَ منهم والدُه في "معجم شيوخه"، ومنهم عائشةُ ابنَة محمد بن عبد الهادي، وأبو بكر بن الحسين المراغي.

وأثبت الحافظُ أبو النَّعيم اسمَه قديمًا فيمن يستجاز. وترجمه، فقال: سمع بقراءتي على عُثمان الدَّنديلي "جزء ابن حذلم"، وكتب عن والده باستملائي كثيرًا، وأجاز له خلقٌ لا يُحصَوْنَ، منهم عائشةُ ابنةُ ابن عبد الهادي. انتهى.

وكنتُ أسمع أنَّ والده صنَّف "بلوغ المرام" لأجله، ولا أستبعد لملك، فإنَّه كما تقدم- فرغ مِنْ تأليفه سنة ثمان وعشرين، لكنه ما تيسَّر له حفظه، بلى، حفظ يسيرًا منه ومِنْ غيره، وكتب عَنْ والده كثيرًا مِنْ مجالس الإملاء كما قرأت [ذلك بخط المستملي الذي أسلفت حكايته، ورأيت كثيرًا منها] (١) بخط البدر المذكور. ولازم مجلسَه، حتَّى سمع عليه شيئًا كثيرًا مِنَ الكتب الكبار في رمضان وغيره.

واشتغل بالقيام بأمر القضاة والأوقاف ونحوها حتى فاق، وصارت له خبرةٌ تامَّة بالمباشرة والحساب، واشتدت محبَّة والده له، بحيث لا يصده عنه صادٌّ، ولا يردُّه عنه رادٌّ، وللَّه درُّ القائل ممَّن توفي له عدَّة أولاد, ثم وُلدَ له بعدَ تعطّشٍ واشتياق:

أُحِبُّه حُبَّ الشَّحيحِ مالَه ... قد كان ذاقَ الفَقْرَ ثُمَّ نَالَه

انتهى.


(١) ما بين حاصرتين ساقط مِنْ (أ).