للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[ابن عربشاه]]

ومنهم العلامة أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد اللَّه بن عرب شاه الدِّمشقي الحنفي، فأنشدني لنفسه (١).

الشوق يُنهض والجلالة تُركِد ... أبدًا فبي منك المقيم المقعدُ

أُذنِيك في وهمي فأركعُ (٢) هيبةً ... ولربَّما غلب الغرامُ فأسجدُ

وأرومُ لثمَ خيالِ أقدامٍ سعت ... فتمدُّ نحوَ ترابِ موطِئها اليدُ

وإخالني في مِخْلَبٍ أرقى إذا ... جاوزت أني عن جنابك (٣) مبعَدُ

ولقد قَنَعْتُ بضيفِ طيفِك في الكرى ... صَوْتًا لقدرِك لو جُفونِي ترقُدُ

وكتمتُ حبَّك في الحشا فوشى به ... دمعٌ يَصُوبُ وزفرةٌ تتصَعَّدُ

هذا يبدِّدُ ما جرى للصَّبِّ مِنْ ... ألم الجَوى ودخانُ تلك يُسوِّدُ

لولا قيامةُ عاشقٍ قامت لما ... كانت جوارحه عليه تشهَدُ

عجبًا لها مجروحة قُذِفَت زِنَى ... وقبولها مِنْ قذفِها يتأكدُ

وألذ ما يلقى المتَيَّمُ في الهوى ... جفنٌ يَفِيضُ ومهجةٌ تتوقَّدُ

تحكي الرَّبيعَ بزهرِ ثغرٍ باسمٍ ... مِنْ مُزن جفنٍ واللسان يغرِّدُ

فتراه في حاليه مَعْ أحبابه ... في السُّكر إن أدنوه أو إن أبعدُوا

إن أعرضوا عنه يمُتْ في حبهم ... أو يَنْظُروه يَعِشْ حياةً تُسْعِدُ

وأشدُّ ما يُنكي المحبَّ تحزُّنٌ ... مِنْ شامتٍ أو حاسدٍ يتودَّدُ

وأمرُّ منه أحبِةٌ لم يَفْرِقُوا ... بين الصَّديق وبين حِبِّ يحسُدُ


(١) أشار المصنف إلى هذه القصيدة، وقال: إنها "بديعة أتى فيها بألغاز وتعامٍ وأهاجٍ وجناسات، وتلعَّب فيها بضروب الأدب، أودعتها في "الجواهر والدرر"، سمعتها منه". وأورد شيئًا من لطيف أبياتها.
(٢) في (أ): "فأرفع".
(٣) في (أ): "خيالك".