للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

منهم ولي الدين بن تقي الدين البلقيني، وهو الذي حسَّنَ له المجيء، وإِلا فقد كان القاضي كمال الدين بن البازي أشار عليه بعدم الحضور، والتثبت حتى يراجع السلطان، فإنَّ الصواب عدم انتزاعها منه، ووافق على ذلك، ثم في الحال [بعد مفارقة الكمال] (١) انثنى عزمه عنه بواسطة المذكور، وتوجه إليها وهو معه، فحسَّن له أيضًا حينئذٍ النداء لجماعة الصوفية بزيادة الثلث في معلومهم، فأمر بذلك بعد توقفه وقوله حتى نعلم ارتفاع الوقت ومصرفه أوَّلًا، فقال: إذا لم يَفِ بذلك، بعتُ قاعتي وأثاثي وغلَّقت، ففعل. واجتهدوا في سدِّ ذلك بزيادة إجارة البلد، وبإضافة ما كان يأخذه بعض المباشرين للقبض، وهو على كل نخلة شيء مع زيادته، وبإلزام كاتب الغيبة بالتشديد في الكتابة، وبغير ذلك، حتى أنشدني بعضُ صوفيتها لنفسه:

عزَّ الشِّهاب فجاءتنا الشياطينُ ... وغابتِ الأسدُ فاعتزَّ السَّراحينُ

وقد تواصَوْا على ما لا به سددٌ ... ففي وصيتهم ضاع المساكينُ

واتفق أنهم ظفروا بغلَّاية نحاس كبيرة، شرط الواقف أنها تُملأ في الشتاء لمن يحتاج إلى الوضوء أو الاغتسال منها، وأُهْمِلَ أمرُها لعجز الوقف عن القيام بها، فاجتهد وليُّ الدين المذكور في إبرازها بجانب الفسقية وملئها.

وكذا اجتهد في عمل حلوى تُفرَّق على الصوفية في ليالي الجُمع مِنْ رجب واللَّذَيْن يليانه، وصار يتولى ذلك بنفسه قصدًا لتأييد العزل، وكان [يذكرُ لفعله ذلك وغيره [من تلك الأفاعيل] (٢) أسبابًا، منها: أنه رُفع له قُصَّة] (٣) يلتمس فيها معلومَهُ بجامع طولون، فكتب له بهامشها: فلان يحاسبه بثمن المدورين الرخام اللذين اختُلسا مِنْ قاعة الزفتاوي، يعني التي كان المذكور سكن بها مدَّة، وفقدا منها في تلك المدة، وقدَّر اللَّه تعالى بعد مدة أن المذكور باع قاعته بعد أن كان وقف نصفَها على مدرسته، ونزل عَنْ


(١) و (٢) ما بين حاصرتين ساقط من (ب).
(٣) من قوله: "يذكر" إلى هنا ساقط من (أ).